Ictilal de los Corazones

al-Khara'iti d. 327 AH
223

Ictilal de los Corazones

اعتلال القلوب

Investigador

حمدي الدمرداش

Editorial

مكتبة نزار مصطفى الباز

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م

Ubicación del editor

مكة المكرمة

٥٣٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُبَرِّدُ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ بِالْكُوفَةِ يُدْعَى لَيْثَ بْنَ زِيَادٍ قَدْ رَبَّى جَارِيَةً وَأَدَّبَهَا فَخَرَجَتْ بَارِعَةً فِي كُلِّ فَنٍّ مَعَ كَمَالِ الْجَمَالِ، فَلَمْ يَزَلْ مَعَهَا مُدَّةً حَتَّى تَبَيَّنَتْ مِنْهُ الِاخْتِلَالَ، فَقَالَتْ: يَا مَوْلَايَ، لَوْ بِعْتَنِي كَانَ أَصْلَحَ لَكَ مِمَّا أَرَاكَ بِهِ، وَإِنْ كُنْتُ لَا أَظُنُّ أَنَّى أَصْبِرُ عَنْكَ، فَقَصَدَ رَجُلًا مِنَ النُّهَيْكِيِّينَ يَعْرِفُهَا وَيَعْرِفُ فَضْلَهَا فَبَاعَهَا مِنْهُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَلَمَّا قَبَضَ الْمَالَ ⦗٢٦٦⦘ وَجَّهَ بِهَا إِلَى مَوْلَاهَا النُّهَيْكِيِّ وَجَزِعَ عَلَيْهَا جَزَعًا شَدِيدًا، فَلَمَّا صَارَتِ الْجَارِيَةُ إِلَى النُّهَيْكِيِّ نَزَلَ بِهَا الْوَحْشَةُ لِمَوْلَاهَا مَا لَمْ تَسْتَطِعْ دَفْعَهُ وَلَا كِتْمَانَهُ، فَبَاحَتْ بِهِ وَأَنْشَأَتْ تَقُولُ: [البحر الطويل] أَتَانِي الْبَلَا حَقًّا فَمَا أَنَا صَانِعُ ... أَمُصَطَبِرٌ لِلْبَيْنِ أَمْ أَنَا جَازِعُ كَفَى حُزْنًا أَنَّى عَلَى مِثْلِ جَمْرَةٍ ... أُقَاسِي نُجُومَ اللَّيْلِ وَالْقَلْبُ نَازِعُ فَإِنْ تَمْنَعُونِي أَنْ أَمُوتَ بِحُبِّهِ ... فَإِنِّي قَتِيلٌ وَالْعُيُونُ دَوَامِعُ فَبَلَغَ النُّهَيْكِيَّ شِعْرُهَا فَدَعَا بِهَا فَأَرَادَهَا فَامْتَنَعَتْ عَلَيْهِ، وَقَالَتْ لَهُ: يَا سَيِّدِي، إِنَّكَ لَا تَنْتَفِعُ بِي قَالَ: وَلِمَ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: لِمَا بِي قَالَ: وَمَا بِكِ، صِفِيهِ لِي قَالَتْ: أَجِدُ فِي أَحْشَائِي نِيرَانًا تَتَوَقَّدُ، لَا يَقْدِرُ عَلَى إِطْفَائِهَا أَحَدٌ، فَلَا تَسَلْ عَمَّا وَرَاءَ ذَلِكَ، فَرَحِمَهَا وَرَقَّ لَهَا، وَبَعَثَ إِلَى مَوْلَاهَا، فَسَأَلَ عَنْ خَبَرِهِ فَوَجَدَ عِنْدَهُ مِثْلَ الَّذِي عِنْدَهَا فَأَحْضَرَهُ، فَرَدَّ الْجَارِيَةَ عَلَيْهِ، وَوَهْبَ لَهُ مِنْ ثَمَنِهَا خَمْسِينَ أَلْفًا، فَلَمْ تَزَلْ عِنْدَهُ مُدَّةً طَوِيلَةً، وَبَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ طَاهِرٍ خَبَرُهَا وَهُوَ بِخُرَاسَانَ فَكَتَبَ إِلَى أَبِي السَّوْدَاءِ خَلِيفَتِهِ بِالْكُوفَةِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْظُرَ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي ذُكِرَ لِي مِنْ قِبَلِ الْجَارِيَةِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا لَهُ بِمَا مَلَكَتْهُ يَمِينُهُ، فَرَكِبَ أَبُو السَّوْدَاءِ إِلَى مَوْلَى الْجَارِيَةِ فَخَبَّرَهُ بِمَا كَتَبَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرٍ فَلَمْ يَجِدْ لَيْثٌ بُدًّا مِنْ عَرْضِهَا عَلَيْهِ وَهُوَ لِذَلِكَ كَارِهٌ، فَأَرَادَ أَبُو السَّوْدَاءِ يَعْلَمُ مَا عِنْدَ الْجَارِيَةِ فَأَنْشَأَ يَقُولُ: [البحر البسيط] بَدِيعُ صَدٍّ قَرِيبُ هَجْرٍ ... جَعَلْتُهُ مِنْهُ لِي مَلَاذَا فَأَجَابَتْهُ الْجَارِيَةُ: فَعَاتَبُوهُ فَزَادَ شَوْقًا ... فَمَاتَ عِشْقًا فَكَانَ مَاذَا فَعَلِمَ أَبُو السَّوْدَاءٍ أَنَّهَا تَصْلُحُ، فَاشْتَرَاهَا بِمِائَتَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَخَرَجَ بِهَا وَحَمَلَهَا ⦗٢٦٧⦘ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ إِلَى خُرَاسَانَ، فَلَمَّا صَارَتْ إِلَيْهِ اخْتَبَرَهَا فَوَجَدَهَا عَلَى مَا أَرَادَ فَغَلَبَتْ عَلَى عَقْلِهِ، وَيُقَالُ إِنَّهَا أُمُّ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ طَاهِرٍ، وَلَمْ يَزَلْ إِلْطَافُهَا وَجَوَائِزُهَا تَأْتِي مَوْلَاهَا الْأَوَّلَ حَتَّى مَاتَتْ

2 / 265