223

* ميمون بن مهران: خرجت مع عمر بن عبدالعزيز إلى المقبرة، فلما نظر إلى القبور بكى ثم أقبل علي فقال: يا ميمون، هذه قبور آبائي بنو أمية ،كأنهم لم يشاركوا أهل الدنيا في لذتهم وعيشهم، أما تراهم صرعى قد حلت فيهم المثلات، واستحكم فيهم البلاء وأصابت الهوام من أبدانهم مقيلا. ثم بكى. وقال: والله ما أعلم أحدا أنعم ممن صار إلى هذه القبور، وقد أمن عذاب الله.

* ولما مات سليمان بن عبدالملك أدخله قبره عمر بن عبدالعزيز وابنه فاضطرب على أيديهما، فقال ابنه: عاش أبي والله، فقال عمر: لا والله ، ولكن عوجل أبوك.

* يزيد الرقاشي يقول في كلامه: أيها المقبور في حفرته، المستخلي في القبر بوحدته، والمستأنس بطن الأرض بأعماله. ليت شعري!! بأي أعمالك استبشرت؟ وبأي إخوانك اغتبطت؟ ثم بكى حتى بل عمامته، ويقول: استبشر والله بأعماله الصالحة، واغتبط والله بإخوانه المتعاونين على طاعة الله. قال: فكان إذا نظر إلى المقبرة صرخ كما يصرخ الثور.

أخبرنا أبو الحسن، أخبرنا أبو أحمد، حدثنا أبو علي محمد بن مهران الأيدجي، حدثنا الغلابي، قال: سمعت محمد بن عبد الرحمن، قال: سمعت هشام بن سليمان المخزومي، يقول: أجمع أهل الحجاز وأهل البصرة أنهم لم يسمعوا أحسن من بيتين كتبا على قبر عبد الله بن جعفر:

مقيم إلى أن يبعث الله خلقه .... لقاؤك لا يرجى وأنت قريب

تزيد بلى في كل يوم وليلة .... وتنسى كما تبلى وأنت حبيب

* ولما نعي أبو يوسف في مجلس الفضيل فقال: اغبطوه الآن إن كنتم تغبطونه لما كان فيه من شرف الدنيا.

* وعاتبت أم بكر، بكر العابد فيما كان يحمل على نفسه من كد العبادة فأقبل عليها باكيا. ويقول: ليتك كنت بي عقيما، إن لابنك في القبر حبسا طويلا، ومن بعد ذلك ترحيلا.

* وكان هشام الدستوائي لا يطفي بالليل سراجه. فقالت امرأته: إن هذا يضر بنا إلى الصباح. فقال: ويحك إن أطفأته ذكرت ظلمة القبر فلم أتقار.

Página 255