132

باب آخر في احتضارهم الموت

* هذا معاوية بن أبي سفيان، روى إسحاق بن إبراهيم، لما حضرته الوفاة رفع يده متمثلا:

هو الموت لا منجى من الموت والذي أحاذر بعد الموت أدهى وأفظع

* وعن أبي عبيدة: لما احتضر معاوية، جعل يقول:

فأضحى الذي قد كان منها يسرني .... كحلم مضى في المزمنات الغوابر

فياليتني لم أعن بالملك ساعة .... ولم أعن في لذات عيش نواضر

وكنت كذي طمرين عاش ببلغة .... من الدهر حتى زار ضنك المقابر

* ولما صلى عليه الضحاك بن قيس، قال أيمن بن خريم الأسدي:

رمى الحدثان نسوة آل حرب .... بمقدار سمدن له سمودا

فرد شعورهن السود بيضا .... ورد وجوههن البيض سودا

وأخبرني أبو الحسن علي بن أحمد، أخبرنا أبو أحمد، حدثنا أبو روق، حدثنا ابن عبري حلاد، حدثنا محمد بن حرب الهلالي، قال: خرج معاوية يريد مكة فلما كان بالأبواء، أطلع في بئر غادية فأصابته اللقوة، فلما قدم مكة دعى بعمامة فعصب بها رأسه، ثم ردها على شق وجهه الذي أصابه فيه ما أصابه، ثم أذن للناس.

فقال: إن كنت قد ابتليت فقد ابتلي الصالحون قبلي وإن عوقبت فقد عوقب الخطاؤن قبلي، وإن مرض عضو مني فما أحصي صحيحي، وما عوفيت أكثر، أنا اليوم ابن ثمان وسبعين سنة، فرحم الله عبدا دعى لنا بالعافية وبكى.

فقال له مروان: ما يبكيك؟

فقال: يا مروان، كبرت وكثر الدمع في عيني، وابتليت في جسدي، وما يبدو مني، وقد خشيت أن تكون عقوبة من ربي، ولولا هواي في يزيد لأبصرت قصدي.

* وروي أنه قال: مكثت في الدنيا عشرين خليفة وعشرين أميرا ثم صرت إلى ما ترى.

* مبارك بن فضالة، عن علي بن عبد الله بن عباس: وقفت على باب عبدالملك بن مروان في يوم بارد قر فأذن لي والناس محجوبون، فدخلت عليه وهو في فراش قد كاد أن يغيب فيها.

فقال لي: يا ابن عباس، إني لأحسب اليوم أصبح باردا؟

Página 164