Icrab Quran
إعراب القرآن لابن سيده
Géneros
{وكذلك جعلنكم أمة وسطا}: الكاف: للتشبيه، وذلك: اسم إشارة، والكاف في موضع نصب، إما لكونه نعتا لمصدر محذوف، وإما لكونه حالا. والمعنى: وجعلناكم أمة وسطا جعلا مثل ذلك، والإشارة بذلك ليس إلى ملفوظ به متقدم، إذ لم يتقدم في الجملة السابقة اسم يشار إليه بذلك، لكن تقدم لفظ يهدي، وهو دال على المصدر، وهو الهدى.
{لتكونوا شهدآء على الناس} تكون على بمعنى اللام، كقوله: {وما ذبح على النصب}(المائدة: 3)، أي للنصب. وقيل: معناه ليكون إجماعكم حجة، ويكون الرسول عليكم شهيدا، أي محتجا بالتبليغ.
واللام في قوله: {لتكونوا} هي، لام كي، أو لام الصيروة عند من يرى ذلك، فمجيء ما بعدها سببا لجعلهم خيارا، أو عدولا ظاهرا. وأما كون شهادة الرسول عليهم سببا لجعلهم خيارا، فظاهر أيضا، لأنه إن كانت الشهادة بمعنى التزكية، أو بأي معنى فسرت شهادته، ففي ذلك الشرف التام لهم، حيث كان أشرف المخلوقات هو الشاهد عليهم. ولما كان الشهيد كالرقيب على المشهود له، جيء بكلمة على، وتأخر حرف الجر في قوله: {على الناس}، عما يتعلق به. جاء ذلك على الأصل، إذ العامل أصله أن يتقدم على المعمول. وأما في قوله: {عليكم شهيدا} فتقدمه من باب الاتساع في الكلام للفصاحة، ولأن شهيدا أشبه بالفواصل والمقاطع من قوله: عليكم، فكان قوله: شهيدا، تمام الجملة، ومقطعها دون عليكم. وما ذهب إليه الزمخشري من أن تقديم على أولا، لأن الغرض فيه إثبات شهادتهم على الأمم؛ وتأخير على: لاختصاصهم يكون الرسول شهيدا عليهم، فهو مبني على مذهبه: أن تقديم المفعول والمجرور يدل على الاختصاص. وقد ذكرنا بطلان ذلك فيما تقدم، وأن ذلك دعوى لا يقوم عليها برهان.
Página 309