وَرِعًا زَاهِدًا، وَلَكِنَّهُ تَرَاجَعَ قَبْلَ مَوْتِهِ.
وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُمْ: إِنَّمَا يَخْرَفُ الْكَذَّابُونَ! فَإِنَّهُ قَدْ يَخْرَفُ مَنْ لَمْ يُوصَفْ بِذَلِكَ.
وَبَلَغَنِي عَنِ الْجَمَالِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ المِصْرِيِّ (^١) أَنَّهُ شَاهَدَ الجَمَالَ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الرَّيْمِيِّ (^٢) اليَمَانِيَّ الْقَاضِيَ الشَّافِعِيَّ عِنْدَ مَوْتِهِ (^٣) وَقَدِ انْدَلَعَ لِسَانُهُ وَاسْوَدَّ (^٤) فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِ اعْتِرَاضِهِ وَكَثْرَةِ وَقِيعَتِهِ فِي النَّوَوِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَأَعْلَى مِنْ هَذَا مَا حَكَاهُ ابْنُ النَّجَّارِ فِي "ذَيْلِ تَارِيخِهِ" (^٥) عَنِ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ (^٦) أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاضِيَ أَبَا الطَّيِّبِ الطَّبَرِيَّ يَقُولُ:
"كُنَّا فِي حَلْقَةِ النَّظَرِ بِجَامِعِ الْمَنْصُورِ، فَجَاءَ شَابٌّ خُرَاسَانِيٌّ حَنَفِيٌّ، فَطَالَبَ بِالدَّلِيلِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَرَّاةِ (^٧) فَأَوْرَدَهُ الْمُدَرِّسُ عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ فَقَالَ الشَّابُّ: إِنَّهُ غَيْرُ مَقْبُولِ الرِّوَايَةِ. قَالَ الْقَاضِي: فَمَا اسْتَتَمَّ كَلَامَهُ حَتَّى سَقَطَتْ عَلَيْهِ