قال ابن الأثير : وسار أبو عبيدة من حلب يريد أنطاكية وقد تحصن بها كثير من الخلق من قنسرين وغيرها ، فلما قاربها لقيه جمع العدو فهزمهم فألجأهم إلى المدينة وحصرها من جميع نواحيها ، ثم إنهم صالحوه على الجلاء أو الجزية فجلا بعض وأقام بعض فأمنهم ثم نقضوا فوجه إليه أبو عبيدة عياض بن غنم وحبيب بن مسلمة ففتحها على الصلح الأول ( وكان مبلغ ذلك كما في فتوح البلاد للبلاذري على كل حالم منهم دينارا وجريبا ، وذكر أن القرية التي التقى عندها الجيشان يقال لها ( مهروبه ) وهي على قريب فرسخين من مدينة أنطاكية ).
وكانت أنطاكية عظيمة الذكر عند المسلمين فلما فتحت كتب عمر إلى أبي عبيدة أن رتب بأنطاكية جماعة من المسلمين واجعلهم بها مرابطة ولا تحبس عنهم العطاء ، وبلغ أبا عبيدة أن جمعا من الروم بين معرة مصرين وحلب فسار إليهم فلقيهم فهزمهم وقتل عدة بطارقة وسبى وغنم وفتح معرة مصرين على مثل صلح حلب وجالت خيوله فبلغت بوقا وفتحت قرى الجومة وسرمين ومرتحوان وتيزين (1) وغلبوا على جميع أرض قنسرين وأنطاكية ، ثم أتى أبو عبيدة حلب وقد التاث أهلها فلم يزل بهم حتى أذعنوا وفتحوا المدينة ، وسار أبو عبيدة يريد قورس وعلى مقدمته عياض فلقيه راهب من رهبانها يسأله الصلح فبعث به إلى أبي عبيدة فصالحه على صلح أنطاكية وبث خيله فغلب على جميع أرض قورس (2) وفتح تل عزاز ، وكان سلمان بن ربيعة الباهلي في جيش أبي عبيدة فنزل في حصن بقورس فنسب إليه فهو يعرف بحصن سلمان ، ثم سار أبو عبيدة إلى منبج وعلى مقدمته عياض فلحقه وقد صالح أهلها على مثل صلح أنطاكية وسير عياضا إلى ناحية دلوك (3) ورعبان فصالحه أهلها على مثل منبج واشترط عليهم أن يخبروا المسلمين بخبر الروم ، وولى أبو عبيدة كل كورة
Página 96