La Iluminación sobre las Corrupciones e Ilusiones de la Religión Cristiana y la Exhibición de las Virtudes del Islam

Al-Qurtubi d. 671 AH
67

La Iluminación sobre las Corrupciones e Ilusiones de la Religión Cristiana y la Exhibición de las Virtudes del Islam

الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإظهار محاسن الإسلام

Investigador

د. أحمد حجازي السقا

Editorial

دار التراث العربي

Ubicación del editor

القاهرة

بِصَوْت وَأَن مُوسَى سمع بذلك الصَّوْت وَهُوَ يَقُول ﴿أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا فاعبدني﴾ وَذَلِكَ الصَّوْت غير الله وَمَعَ ذَلِك خاطبه مُوسَى بقوله ﴿رب أَرِنِي أنظر إِلَيْك﴾ وَقد اعْترف لَهُ مُوسَى بالربوبية فَكَذَلِك الْمَسِيح فِي قَوْله أَنا الله صَادِق إِذْ قد اتَّخذهُ وَاسِطَة بَينه وَبَين خلقه كَمَا اتخذ جسم النَّار وَالْكَلَام وَاسِطَة بَينه وَبَين مُوسَى فَيَنْبَغِي لنا أَن نعترف بربوبيته كَمَا اعْترف مُوسَى بربوبيه الصَّوْت وَهَذَا الهذيان كُله الَّذِي ذكرته وليتك مَا أنحلته الَّذِي وَالله لَا شرع يعضده وَلَا عقل يقبله ويريده مبْنى على أَن الله تَعَالَى مُتَكَلم بِصَوْت وَقد أبطلناه فَبَطل كل ذَلِك وَمَعَ ذَلِك فلنتكلم على أَجزَاء كلامك بعد أَن بَينا جملَة مقصودك ومرامك حَتَّى يتَبَيَّن أَنكُمْ لَسْتُم على شَيْء مِمَّا يَنْتَحِلهُ الْعُقَلَاء بل يتبرأ مِنْهُ الْفُضَلَاء فَنَقُول أما قَوْلك وَإِن قُلْتُمْ إِن الله خلق لَهُ كلَاما فقد أثبتم كلَاما مخلوقا قَائِما بخلقه جوهرا فِي نَفسه فَنَقُول بعد أَن أبطلنا الصَّوْت الَّذِي ترومون الْبناء عَلَيْهِ نسلمه لكم جدلا ونبين بعد ذَلِك أَنه لَا يلْزم شَيْء مِمَّا ذكرته إِذْ لَا يلْزم من تَقْدِير صَوت الله تَعَالَى عَن ذَلِك مَخْلُوق أَن يكون الصَّوْت قَائِما بِنَفسِهِ جوهرا فَإِن الصَّوْت إِنَّمَا حَقِيقَته أَنه صفة لموصوف وَعرض فِي مَحل وَالْعرض لَا يَنْقَلِب جوهرا فَإِن قلت فيلزمك أَن يكون عرضا قَالَ لَك الْمُجيب وَمَا الَّذِي يلْزم مِنْهُ إِن كَانَ عرضا فَإِن قلت يلْزم مِنْهُ أَن يكون الْعرض هُوَ الَّذِي قَالَ لمُوسَى ﴿أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا فاعبدني﴾ وَالصَّوْت لَا يتَكَلَّم وَإِنَّمَا يتَكَلَّم بِهِ قُلْنَا لَك جوابك أَن الصَّوْت لَا يتَكَلَّم عَن نَفسه وَإِنَّمَا يتَكَلَّم بِهِ كَمَا قلت أَنْت ثمَّ يلزمك أَنْت إِن جعلته جوهرا غير الله تَعَالَى أَن يكون هُوَ الَّذِي قَالَ عَن نَفسه ﴿أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا﴾ وَله اعْترف مُوسَى بالربوبية لَا الله وَله سجد لَا الله وَإِذا انْتهى إِنْسَان إِلَى هَذِه المخازي فقد كفر بمُوسَى وباإله مُوسَى نَعُوذ بِاللَّه من أنظار تقود فِي الدُّنْيَا إِلَى الفضيحة والعار وَفِي الْآخِرَة إِلَى الخلود فِي عَذَاب النَّار وعَلى هَذَا الْكفْر الصَّرِيح يدل قَوْلك إِن مُوسَى أقرّ لَهَا بالربوبية تُرِيدُ للواسطة وَإِذا أقرّ لَهَا بالربوبية وَلم يعرف قطّ من مُوسَى عَلَيْهِ

1 / 113