ومنها : أنه رجح عدم وجوب قضاء الصلاة على الذي تركها عمدا في رسالته " حل السؤالات المشكلة ، وهو مذهب بعض الظاهرية ، ومنشأ قولهم أن قضاء صلاة فاتة بالنوم والنسيان قد ورد الأمر به في السنن ، وأما التارك العامد فلم يرد دليل صريح صحيح على وجوب القضاء عليه ، وهم قد جمدوا على ظاهر ما ورد من غير روية وفكر حتى قالوا : " إن حديث لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه" ، أنه لو تغوط فيه أو بال غير الغاسل والمتوضى يجوز فيه الغسل والتوضىء لعدم ورود النهي ، ولهم مثل هذا كثير يأبى عنه العقل السليم والفهم المستقيم ، وقد تبعهم في مسألة القضاء الشوكاني في بعض تأليفاته وهو كثير الاتباع لهم ، وهذا مذهب شاذ مردود مخالف لجمهور علماء الملة وحملة الشريعة ، بل وللطبيعة الوقادة والنفس المدركة ، قال ابن عبد البر في " الاستذكار شرح موطأ الإمام مالك" عند شرح حديث التعريس : فإن قيل فلم خص النائم والناسي بالذكر في قوله في غير هذا الحديث : " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها" ، قيل : خص النائم والناسي ليرتفع التوهم والظن فيهما لرفع القلم وسقوط المآثم عنهما بالنوم والنسيان ، فأبان رسول الله أن سقوط الإثم عنهما غير مسقط لما له فيهما من فرض الصلاة ، وأنها واجبة عليهما عند الذكر لها يقضيها كل واحد منهما بعد خروج وقتها إذا ذكرها .
Página 11