يذكر صاحب «فوات الوفيات»
2
أن الشيخ العظيم أملى سنة 698 المسألة المعروفة بالحموية في قعدة بين الظهر والعصر، وهي رسالة أجاب بها عن سؤال ورد من «حماة» في الصفات، وجرى له بسببها محنة، ولكن الله نصره وأذل أعداءه.
والواقع أن مسألة صفات الله تعالى، التي وصف بها ذاته في القرآن، أثارت وما تزال تثير خلافا وجدلا كثيرا بين رجال علم الكلام.
مثلا، يقول الله تعالى:
الرحمن على العرش استوى ، ويقول:
وجاء ربك والملك صفا صفا ، ويقول:
يد الله فوق أيديهم . فهل هذه الآيات تدل على أنه تعالى استوى حقا على العرش، وأنه يجيء وينتقل، وأن له يدا، مع ما في القول بذلك من التجسيم أو التشبيه؟ أو يجب تأويل الآية الأولى بأن المراد أنه استولى على العرش، والثانية بأنه جاء أمرنا، والثالثة بأن قدرته فوق قدرة البشر جميعا. وبهذا التأويل نبعد الله سبحانه وتعالى عن شبهة التجسيم وعن مشابهة المخلوقات.
يرى علماء السلف رضوان الله عليهم بأن علينا أن نؤمن بما جاء في القرآن من هذه الصفات دون تأويلها؛ لأن تأويلها وبيان المراد منها حقا فوق طاقتنا، مع الاعتقاد في الوقت نفسه بتنزيه الله عن مشابهته لبعض ما خلق.
ويرى المتأخرون من رجال علم الكلام، وبخاصة الأشاعرة منهم، وجوب تأويل هذه الآيات وأمثالها على النحو الذي ذكرناه أو ما يشبهه، وبهذا انسد باب التجسيم والتشبيه عن الله سبحانه وتعالى.
Página desconocida