104

في الفقه وأصوله

يراد اصطلاحا بكلمة «الدين» هنا كل ما شرعه الله للمسلمين بالقرآن الكريم أو بسنة الرسول

صلى الله عليه وسلم ، فهو لهذا يشمل أصول الدين أو علم الكلام، والفقه الذي يجب أن ننزل على أحكامه في العبادات والمعاملات على اختلاف ضروبها، والأخلاق التي ينبغي أن نسير عليها لنكون حقا خير أمة أخرجت للناس؛ والدين بهذا المعنى العام يسمى شريعة أيضا، كما يسمى كذلك ملة.

وفي هذا، نجد محمد على التهانوي يقول وهو يتكلم عن الشريعة: «الشريعة ما شرع الله تعالى لعباده من الأحكام التي جاء بها نبي من الأنبياء صلى الله عليهم وعلى نبينا وسلم، سواء أكانت متعلقة بكيفية عمل، وتسمى فرعية وعملية، ودون لها علم الفقه، أم بكيفية الاعتقاد، وتسمى أصلية واعتقادية، ودون لها علم الكلام، ويسمى الشرع أيضا بالدين والملة.»

1

ولذلك نريد بآرائه في الدين آراءه في الفقه وفهم القرآن وتفسيره وعلم الكلام والفلسفة. كما نريد بآرائه في الحياة الآراء الاجتماعية والسياسية التي ذهب إليها وعمل على الأخذ بها في الحياة العامة للمجتمع والأمة.

ومن مجموع هذا وذاك تتكون أبواب هذا القسم الثاني من الكتاب، وسنتناول مباحث كل باب منها على نحو وسط بين الإيجاز والإطناب، ومن الله التوفيق.

الفصل الأول

أصول الفقه

لكل فقيه من الأئمة أصحاب المذاهب الفقهية المعروفة أصول يرجع إليها في استنباط الأحكام، وابن تيمية رحمه الله لم يكن صاحب مذهب عرف به كغيره من أولئك الأئمة، ولكنه مع اجتهاده كان حنبليا؛ ولذلك كانت أصوله في الفقه هي في جملتها أصول مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه.

Página desconocida