100

صلى الله عليه وسلم : «لعن الله الراشي والمرتشي.»

أما إذا فعل هذا ليكف ظلمه عنه أو ليعطيه حقه الواجب، فهذه الهدية تكون حراما على الآخذ، وجاز للدافع فيها أن يدفعها، كما قال النبي

صلى الله عليه وسلم : «إني لأعطي أحدهم الهدية فيخرج بها نارا يتأبطها.» قيل: «يا رسول الله، فلم تعطيهم؟» قال: «يأبون إلا أن يسألوني، ويأبى الله لي البخل.»

وهذا هو الحكم في الهدية للشفاعة، مثل أن يشفع لرجل عند ولي أمر في أن يرفع عنه مظلمة، أو يوصل إليه حقه، أو يوليه ولاية يستحقها ... فهذه أيضا لا يجوز فيها قبول الهدية، ويجوز للمهدي أن يبذل ما يتوصل به إلى أخذ حقه أو دفع الظلم عنه.

هذا هو المنقول عن السلف والأئمة الأكابر، وقد رخص فيه بعض المتأخرين من الفقهاء، وجعل هذا من باب «الجعالة»، وهو مخالف للسنة وأقوال الصحابة رضي الله عنهم والأئمة، فهو غلط.

وذلك لأن مثل هذا العمل من المصالح العامة التي يجب القيام بها فرض عين أو فرض كفاية، ومتى سوغ أخذ الجعل على مثل هذا لم ينل غير الباذل حقه ولم يرتفع الظلم عنه.

21 (2)

من المعروف أن من قتل نفسا عمدا بغير حق عليه القود، ولكن ما الحكم فيمن لم ير طريقا لاسترداد ما سرق منه إلا بقتل السارق فقتله عمدا؟ هنا يقول الشيخ رحمه الله تعالى: «ومن نزل مكانا فجاء لص سرق قماشه، فلحق السارق فضربه بالسيف فمات، وكان هذا هو الطريق في استرجاع ما مع السارق، لم يلتزم الضارب بشيء، فقد روي عن عمر رضي الله عنه أن لصا دخل داره فقام إليه بالسيف، فلولا أنهم ردوه عنه لضربه بالسيف. وفي الصحيحين: «من قتل دون ماله فهو شهيد».»

22 (3)

ومثال آخر ذكره بعد المثال السابق بقليل، وهو أن من كذب على رجل حتى ضرب وأهين وحبس يجب عقابه عقوبة تردعه وأمثاله، بل جمهور السلف يوجبون القصاص في مثل ذلك، فمن ضرب غيره أو جرحه بغير حق، فإنه يفعل به كما فعل، وفي هذا قال عمر رضي الله عنه: «أيها الناس، إني لم أبعث عمالي ليضربوا أبشاركم ولا ليأخذوا أموالكم، ولكن ليعلموكم كتاب الله وسنة نبيكم ويقسموا بينكم فيئكم، فلا يبلغني أن أحدا ضربه عامله بغير حق إلا أقدته. فراجعه عمرو بن العاص (كان والي مصر حين ذاك) في ذلك، فقال: إن رسول الله

Página desconocida