ومن قوله ايضا: لم يزل الناس يسالون من اتفق من العلماء من غير تقيد بمذهب، ولا انكار على احد من السائلين، الى ان ظهرت هذه المذاهب ومتعصبوها من المقلدين، فان احدهم يتبع امامه مع بعد مذهبه عن الادله، مقلدا له فيما قال كانه نبى ارسل! وهذا ناى عن الحق وبعد عن الصواب، لا يرضى به احد من اولى الالباب.
ومع هذا كان العز بن عبدالسلام اكثر هيبه وجلالا ونفوذا من ابن تيميه ، فقد قال السيوط ى في وصف الملك الظاهر وهو اقوى سلاطين المماليك : كان الظاهر بمصر منقمعا تحت كلمه الشيخ عزالدين بن عبدالسلام لا يستطيع ان يخرج من امره، حتى انه قال لما مات الشيخ : ما استقر ملكى الى الان.
فالاولى لدعاه (السلفيه) اليوم ان ينسبوا دعوتهم الى العز بن عبدالسلام.
غير ان عاملين رافقا دعوه ابن تيميه كانا وراء اشتهارها واستمرارها:
اولهما : نضاله الدووب في نصرتها وتثبيتها.
وثانيهما : مواصله تلميذه ورفيقه ابن القيم الجوزيه لهذه الدعوه وتوسيعها، فعاشت عهدين متصلين متكاملين، مع كثره ما دونا منها في مولفاتهما الكثيره.
وقد بنى نظريته على ما ورد عن الامامين مالك بن انس امام المالكيه، واحمد ابن حنبل، وغيرهما، من ان: كل احد يوخذ منه ويترك ، الا رسول الله (ص).
وان ما جاء عن الفقهاء لايقبل كله قبول التسليم، بل يعرض على الكتاب والسنه، فما وافق الكتاب والسنه وجب قبوله، وما خالفهما كان مردودا، وان كان صاحبه مجتهدا من اولياء الله.
فالواجب على الناس اتباع ما بعث الله به رسوله، واما اذا خالف قول بعض الفقهاء ووافق قول آخرين، لم يكن لاحد ان يلزمه بقول المخالف، فيقول له: هذا خلاف الشرع.
لم يبطل التقليد :
ان القول المتقدم لا يعنى بطلان التقليد - كما يزعم اولئك الذين ينسبون انفسهم اليوم الى ابن تيميه - فمن لم يمتلك اهليه الاجتهاد يقلد من صح تقليده. ومن عمل في مسائل الاجتهاد بقول بعض العلماء لم ينكر عليه ذلك.
Página 53