Hijo del Sultán: y otras historias
ابن السلطان: وقصص أخرى
Géneros
فتنهد الصبي وقال: آه لو تركتني لأقع بين يدي البوليس! لكان ذلك أرحم بي، وأكثر إنسانية. أتذكر يوم كانت عربة البوليس التي تجمع الشحاذين والمتشردين وذوي العاهات من الشوارع واقفة عند سور «الأزبكية»، ونزل منها رجلان أمسكا بتلابيب امرأة عجوز كانت ملقاة على أرض الرصيف تستجدي عابري السبيل؟ قذفوا بها إلى العربة وهي تصرخ بين أيديهم: أولادي! أولادي! فقلت مقاطعا: حقا؟ لقد نسيت كل هذا!
فاستطرد قائلا: هنالك تضرعت إليك أن تتركني لأذهب معهم إلى السجن، أو إلى الملجأ، أو إلى أي مكان، ولكنك ناديتني قائلا: لا تذهب، هكذا كتب عليك أن تحيا. ليتني ما أطعتك!
فقلت للصبي: ولكن هذا المسلك من جانبي هو خير ما يمكن اللجوء إليه. أليس أوقع في النفس أن أزيد من شقائك؟ لا تنس أنك بهذا ستنال عطف الكثيرين. - لا أريد هذا العطف. - وربما سمع بك أحد الحكام من الوزراء أو ... - وهل يقرأ الحكام قصصك؟! - أعترف لك يا صديقي أنني أشك في ذلك! - إذن فلم لا تتركني؟ - لأنك سجين (وهنا أشرت إلى بقية الوجوه التي يزداد شغفها بحديثنا قائلا: كهؤلاء؟) - إذن فأطلق سراحي، إني أريد الحرية، الحرية، الحرية ... - ولكني لا أملك لك شيئا. - كيف؟ - تستطيع أن تذهب بنفسك إلى وزارة الشئون الاجتماعية، أو إلى أحد الملاجئ، أو ...
فأشار إلى ملابسه، وإلى قدميه العاريتين وقال في انكسار: أبهذه الهيئة؟! - صدقني يا عزيزي، لو استطعت لبدلت حياتك كلها، ولاشتريت لك بذلة جديدة، ووضعت في قدميك العاريتين حذاء لامعا ...
فتهلل وجهه بالأمل وهتف: وما الذي يمنعك؟ - هكذا وجدتك أمامي.
في هذه اللحظة كان سعالي قد اشتد، وكانت الحمى التي أعاني نوباتها منذ أسبوع قد ألحت علي. فدارت رأسي وغامت عيناي، وماجت الأصوات من حولي، فاختلطت الصيحات العالية، بالبكاء المكتوم والهمس الخافت، وانطمست وجوه شخصياتي أمام عيني. عندئذ تمالكت نفسي وصحت بأعلى صوتي: «يا سيد! (وكان هذا هو اسم خادمي الأبله) هات الدواء.»
وبعد أن شربت منه جرعتين، قمت إلى فراشي، وأغمضت عيني، واستولى علي نوم عميق.
حدث هذا منذ أسبوع. وأنا منذ ذلك اليوم أتذكر الصبي اليتيم.
وما زلت أبحث له عن مصير.
1953م
Página desconocida