Ibn Rumi: Su vida a través de su poesía
ابن الرومي: حياته من شعره
Géneros
الشعر
قد تكثر دراسة الآداب والعلوم ولا شعر، وقد يكثر الشعر ولا دراسة للآداب والعلوم، أما القرن الثالث للهجرة فقد كان جامعا لأشتات الثقافة بفروعها، كثير الآداب والعلوم، كثير الشعر، كثير المعنيين بالأشعار.
عاش في ذلك القرن - ولا سيما أوائله وأواسطه - نخبة من جلة الشعراء النابهين: كأبي تمام، والبحتري، والحسين بن الضحاك، وعلي بن الجهم، ودعبل الخزاعي، وابن المعتز، وابن الرومي، وعاش فيه مع هؤلاء مئات من قالة الشعر المحسنين وغير المحسنين، والمحترفين وغير المحترفين، وأوشك أن يكون كل متعلم متأدب شاعرا ينظم الأبيات والمقاطع في بعض أغراضه.
فالخلفاء كانوا ينظمون للغزل والغناء، والأمراء والوزراء - سواء منهم الفرس والعرب - كانوا يتطارحون الأشعار، ويحفظون منها الشيء الكثير، والمنتمون إلى الفرس والأعاجم كانوا أسبق إلى المنافسة في هذا المضمار؛ لينفوا عنهم تهمة العجمة ويدخلوا مع العرب في ميدان الفصاحة. ومن الأمراء الفرس الذين مدحهم ابن الرومي من وضع كتابا في الشكر ضمنه مختارات مما قيل في هذا المعنى، وختمه بأماديح يطري بها صديقه العلاء بن صاعد على حروف المعجم، ونعني به عبيد الله بن عبد الله بن طاهر، عميد بيته العريق الذي تخرج منه كبار القواد والولاة.
لهذا كان ابن الرومي يقول وهو يشكو:
قد بلينا في دهرنا بملوك
أدباء علمتهم شعراء
لأنه كان يشعر بالمنافسة، ولا يشعر بالعطف من جانب هؤلاء الزملاء. •••
وندر في ذلك العصر من خلا شعره من آثار الحضارة التي أجملنا وصفها فيما تقدم، فمن لم تظهر في شعره المعاني الفلسفية والآراء الطريفة التي سرت إلى المتأدبين من مذاكرة علم الكلام والعلوم المترجمة، ظهرت فيه محسنات اللفظ والمعنى التي كشفها البحث في أشعار المتقدمين، وأدت إليها المعارضة بين أقوال الفحول، واستطلاع أسرار البلاغة فيما أجادوه، ومن لم يظهر في شعره هذا وذاك ظهرت فيه تفخيمات الفرس وترصيعاتهم، وجاءته العدوى من أساليب الكتاب في النثر المنمق، وأساليب التحية في المجالس، وأساليب المعيشة في القصور، وربما عرضت الكلمة الفارسية في البيت العربي مما له المرادفات بالعشرات كقول شاعرنا:
يا أيها الملك الذي
Página desconocida