El Hijo del Hombre: Vida de un Profeta
ابن الإنسان: حياة نبي
Géneros
7
معلقة في هواء ساكن فوق المدينة الحجرية.
ويجد جمع الحجاج من الغرباء هواء أنقى لا ضوضاء أقل؛ حينما يأتون ليشهدوا عيد الفصح فيسيرون سيرا وئيدا إلى المرتفعات، فيصلون إلى الأحياء الخارجية. واليوم آخر جمعة قبل عيد الفصح فتمر القوافل الأخيرة مسرعة لقضاء هذا الأسبوع الأخير في ضوضاء، ثم للقيام بشعائر ذلك العيد في رحابة وسكون، والقوم يحتفلون بذكرى الخروج من مصر وبدخول دور الحصاد، والقوم إذ إنهم مستعبدون في الوقت الحاضر يجدون في ذكرى غابر مجدهم تذكيرا بقيمتهم، وإلى الشمال الغربي يتوجه محبو الاطلاع من الأهالي والأجانب؛ حيث تمر طريق أريحا من بين جبل الزيتون وجبل المعصية ما جاء من هذه الطريق حجيج البلاد فانتظرهم أقرباؤهم كما في كل عام؛ ليقتسموا الخروف الفصحي، والحجاج كلما دنوا من المدينة اقترب بعضهم من بعض، ويكاد الموكب لا ينقطع بين هذا المكان وأورشليم البعيدة ساعة واحدة؛ على حين يكون المستقبلون على حافتي الطريق.
وبينما يبتعد محبو الاطلاع والأصدقاء والغرباء والأهالي الراغبون في مشاهدة ذلك المنظر عن المدينة المقدسة، متوجهين إلى الطريق الضيقة النافذة إلى البرية فلا يرى منها آخر البيوت؛ إذ يقف هذا الجمع المرصوص دهشا فيسد هذه الطريق؛ فقد وجد بين العجل والخيل والبغال والجمال، الحاملة رجالا ونساء مع حقائبهم وزنابيلهم، فريق تعب أغبر منفصل من الجماعة سابق لها بسرعة.
ويؤلف هذا الفريق الفتي من اثني عشر رجلا وبضع نسوة، ويعرف أنه من الجليل بشعوره المسدولة، ويتقدم على الطريق لامع العيون متسعها، وينشد ويهتف متزن الخطى، ويهز بعض أفراده غصون التوت والتين، ويجمع بعض آخر سعوف النخل من طرف الطريق، فيصلون جميعهم مكثرين من الحركات، ناشرين ورق الشجر، هازجين متكتفين ماشين بغير ترتيب، طافحين شبابا، فرحين مشيرين بأصابعهم، ودالين بأصواتهم إلى ذلك الذي يحفون من حوله.
ويركب ذلك أتانا ويبدو أسن من أصحابه، ويلبس مثلهم رداء رماديا أغبر عاديا، ويريد أصحابه أن يزينوه قليلا، فيضعون تحته ثياب العيد لا سرجا، ويتبع الأتان فلوها فيضربها برأسه بين حين وآخر من العطش، ويدنو هذا الفريق من الناس ويسمعون أنشودته: «أوصنا، مبارك الآتي باسم الرب، مباركة مملكة أبينا داود الآتية باسم الرب، أوصنا في الأعالي.»
أليس هلل الكبير هو الذي ينشدون له في الكنيس سائرين حول المذبح محركين جديد الأوراق؟ وما معنى إنشاد المزمار الخاص بابن داود؟ وينظر القوم بعضهم إلى بعض ويتبادلون إشارات الاستفهام والتعجب حين يسمعون إنشادهم: «افرحي يا بنت صهيون، هو ذا ملكك يأتيك وديعا على أتان وجحش ابن أتان!»
ويضحك الكثيرون منهم ويتدافعون بالمرافق ويسألون: «من هم هؤلاء؟ أهم من المجانين؟ أيظنون أنهم آتون بالمسيح إلى أورشليم؟»
ويزيد الجمهور بين دقيقة ودقيقة، ويزدحم حول ذلك الفريق القليل، ويداوم ذلك الفريق على الإنشاد وهز الغصون، ويذيع الخبر بسرعة في الطريق كلها فيقال: هذا نبي! هذا هو الذي حدثنا عنه صديقنا بطبرية! هذا من الجليل! هذا نبي الناصرة!
أمن الناصرة ؟ ألا يعلم هؤلاء الفلاحون الجاهلون أن المسيح سيجيء من بيت لحم، وأنه سيكون من آل داود؟ وهل أتت الناصرة بصالح في أي زمن؟ فيا لهم من مفسدين! ويا لهم من لصوص! ويا لهم من مجانين! لا تدل ملامح هذا على الخطر وهو يركب أتانا، ويدل مظهره على بؤسه أكثر مما يدل على بأسه، ويظهر أن رفقاءه عاطلون من السلاح! اسمعوا ماذا ينشدون! «مبارك الملك الآتي باسم الرب، سلام في السماء ومجد في الأعالي!»
Página desconocida