El Hijo del Hombre: Vida de un Profeta
ابن الإنسان: حياة نبي
Géneros
8
الشافي وسماع كلامه. ويجتمع أهل القرى التي ليس فيها كنيس على شاطئ البحيرة، فيعتلي يسوع زورقا فيطلب من أصحابه أن يبتعدوا عن الشاطئ، فالماء ينقل إليهم صدى بشائره. ويسوع إذا ما كان واقفا على سفينة بدا كصخرة سائدة لأولئك الجالسين القرفصاء على الشاطئ، أو المستلقين عليه، فيحدثهم عن رسالته بالرموز والأمثال الطريفة المقتبسة من حياتهم اليومية النقية، والأمثال ما كان يراها خير وسيلة لتثقيف الجموع، ولم يحجم عن تشخيص الرب بالصور القولية تقريبا لأذهان الجمهور، مع أن تصوير الرب محرم على اليهود، فيجعل من الرب ملكا جالسا على عرشه مالكا للكرم، قاريا للضيف، سيدا للعبيد.
هنالك يرى يسوع بعين بصيرته ما لكلامه من الأثر في قلوب البسطاء، ويسوع يجيب عن أسئلة هؤلاء، ويشفي من يأتون من المرضى ما استطاع، ويداوم على سيره، والناس يجتمعون أمام بيت مضيفه ليسمعوا كلامه، فيقف على مفرق الطرق فيخطب فيهم مهما كان عددهم قليلا، وإذا ما كان المجتمعون من النساء والصبيان رق لسانه، ووضح كلامه أكثر من قبل، وأفضل شيء عنده هو أن يجلس حول الموائد ومعه تلاميذه؛ فهو يميل إليهم إذ ذاك واثقا، كما كان أمره في غابر الأيام تجاه أصدقائه القليلين الذين كانوا يقصدونه أمام بيت النجار بالناصرة لينصتوا له.
وكبريات المدن وحدها هي ما كان يجتنبه يسوع؛ فهو لم يذهب إلى طبرية مع أن كل صبي من أبناء تلك المنطقة كان يمتع ناظريه بها عن كثب، وظل يسوع بعيدا من طرشيحة وصفوري ما شعر بأنه يسود تلك الأماكن حياة صاخبة، وروح القهر والحرص والتأثل
9
فلا يلقي ساكنوها سمعا إلى رسالته.
وفي الجنوب، حيث بلاد اليهودية تقوم المدينة الكبيرة التي يقيم بها الكهنة النافذون، ومفسرو الكتاب المقدس، وقارئو العزائم، فما بدا ليسوع في كنيس كفر ناحوم من عداء الكتبة الخفي أثبت له أن أناسا من هذا الطراز هم أعداؤه.
فظل يسوع بعيدا من أورشليم لذلك. •••
يشعر جميع الذين يقتربون من يسوع بحبه لهم، ويسوع لم يظهر ليبغض الناس، بل ليحبهم، وما كان ليسعى إلى مقاتلة أحد، وما كان يعلم أهل بحر الجليل الفقراء الهادئين إياه، فمصدره قلبه، وما كان علماء البلد يقابلون ما يلقيه في الأفئدة بغير الشك الذي هو وليد التعليم.
وينفذ كلام يسوع نفوس البسطاء، ويتألف من هؤلاء الصيادين الذين تعودوا الصبر والانتظار جالسين على الشاطئ، أو في زوارقهم، بالقرب من شباكهم جمع من المستمعين الحلماء الطيبين البعيدين من المطامع، وليس في خطب يسوع ما قد يزعجهم، فلا تجد فيها بحثا عن سيادة العالم، ولا عن المجد، ولا عن الاستعباد الراهن، ولا عن ماضي الشعب العظيم، ولا عن انتقام الله وعقابه وغضبه وقصاصه.
Página desconocida