El Hijo del Hombre: Vida de un Profeta
ابن الإنسان: حياة نبي
Géneros
غادر أورشليم بضعة أناس ليروا النبي الجديد، ولم يلبث عدد قاصديه أن زاد فيتوجه إليه الأغنياء من هؤلاء؛ حبا للاستطلاع، ويتوجه إليه الفقراء منهم بدافع الرجاء، ولم يلبث ذكر ذلك الذي عرف بالمعمدان أن عم البلاد، فيتقاطر الناس إلى مصب الأردن عن شك ويقين، وعن يأس وأمل ليروه.
وهكذا يظهر في بلاد إسرائيل نبي بعد فترة مائة سنة. •••
يخالج قلب يسوع النجار عدة مسائل؛ فقد شاعت أنباء المعمدان في عقر الناصرة، فعلم يسوع الكثير منها، وبيان الأمر: أن أصحابا له ذهبوا إلى عبر الأردن فعادوا حاملين لأغرب الأخبار، فسألهم بشوق عن أوصاف المعمدان، وعن صوته وكلامه، وعن أثر رسالته، فأخبروه أنهم سألوا المعمدان عما يفعلون، فكان جوابه: «من له ثوبان فليعط من ليس له، ومن له طعام فليفعل هكذا.» وأن المعمدان لا يرد عشارا يأتي ليتعمد، وأن العشارين سألوه عما يعملون فقال لهم: «لا تستوفوا أكثر مما فرض لكم.» وأنه قال للجنود حينما سألوه عما يصنعون: «لا تظلموا أحدا، ولا تشوا بأحد، واكتفوا بعلائفكم.»
وكلما استمع يسوع لهم خفق فؤاده فيقول: أآزي فواعظ؟ أمعتزل فرسول؟ أصامت فمتكلم؟ أليست هذه هي المرة الأولى التي يسمع يسوع فيها خبر ظهور رجل يجهر بمثل ما في قرارة نفسه، فلم يبح به إلا إلى أصحابه القليلين فقط؟ أليست هذه هي المرة الأولى التي يهاجم بها رجل علنا رئاء الفريسيين، وتقديم القرابين والطقوس والغنى، داعيا إلى تقسيم الأموال بين الجميع؟ أليست هذه هي آراء يسوع التي يتعهدها النبي الجديد بالماء على ضفاف الأردن؟ يا له من رسول هجر البادية والعزلة ليعود إلى من يفكر في سعادتهم من الناس! يا له من مصلح جاوز دور التأمل وعدل عن صوم الآزيين وحياتهم الضيقة ليكون لسان الخلق الناطق! قلب يسوع الأمور فسأل في نفسه: «لم لا تنهض؟ لم لا تجهر أمام الملأ بأفكارك في الإيمان الصحيح وفي الورع الكاذب؟» فإذا كان يوحنا قد هجر البرية ليدعو القوم إلى الحق؛ فلماذا يلتزم يسوع جانب الصمت أكثر مما صنع إذن؟
نبه مثال المعمدان من يسوع غافلا، وأيقظ فيه روح المسئولية. ومن المحتمل أن يكون قد أثار حرصه فذهب مع قافلة الحجاج التالية إلى الأردن.
انتهى يسوع بعد سفر دام ثلاثة أيام إلى أخلاط من الرجال والنساء منتظرة التعميد في الوادي الضيق بين جبال مهيمنة على الضفة ذات العوسج
8
والقصب والبردي، وتمتد حول ذلك الوادي أخاقيق
9
جرد، ومرتفعات ملس، وتأتي ريح الجنوب إلى ذلك المكان بهواء البحر الميت المالح، فيبدو موحشا قاسيا، فإليه يهرع مئات الناس بخيولهم وحميرهم ومواعزهم ذوات الألبان الصالحة لتغذية أطفالهم، وجميع أولئك من الفقراء تقريبا، وبعضهم من الهرمى، والكثيرون منهم مرضى، ولا يقرأ على وجه أي واحد منهم معنى السعادة، ولا يرى فيهم سوى الحنين، ومنهم القاعدون، ومنهم الواقفون، وكلهم مصلون، ويبصر يسوع يوحنا المعمدان فوق شفير النهر.
Página desconocida