106

ابن حزم وموقفه من الإلهيات عرض ونقد

ابن حزم وموقفه من الإلهيات عرض ونقد

Editorial

مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي كلية الشريعة والدراسات الإسلامية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٠٦ هـ

Ubicación del editor

جامعة أم القرى - المملكة العربية السعودية

Géneros

وكان لكثرة الغزوات التي غزاها السلمون إلى جنوب فرنسا وغيرها من جزر البحر الأبيض وعودتهم بالسبايا وفيها الجواري الحسان التي ثقفت ثقافة أدبية عالية أثر على النفس العربية المرهفة الحس نحو الجمال فانطلقت خواطر الشعراء وجادت قرائح الأدباء وانبثقت العواطف الإنسانية، بعض التزم الجادة، وآخر لم يحكمه زمام العقل وقيود الفكر وجلال الشرع. وقد جمع أبو محمد بن حزم مادة كتابه "طوق الحمامة" من هذا المجتمع الملىء بالعناصر المختلفة فكل ما يقرره فيه مستمد منه، وقد صور هذا أتم تصوير وأحكمه وذكر الوقائع المؤيدة والشاهدة لذلك. ثم إنه ﵀ صورة صادقة للفضيلة الإنسانية في مجتمعه، وكان قلبه يفيض بالأحاسيس نحو الجمال، ولكن في دائرة الحلال لا يعدوها فهو لم يرتكب حرامًا ولم يرتع في مراتع الحرام، وقد أقسم بالأيمان المغلظة أنه لم يحل إزاره على حرام. (^١)
وقد عاش المجتمع الأندلسي القرن الرابع الهجري كاملًا في هدوء واستقرار وأمن وازدهار. وكان قمة عهد المسلمين في الأندلس ما قبله صعود انتهى إليه وما بعده انحدار ابتدأ منه وقد عاش المسلمون في هذا القرن حياة عز ورفعة وجاه. وقد رتعوا في بحبوحة من العيش. رغد ورخاء دائم ونعيم مقيم. وقد طغت على المجتمع مظاهر البذخ والترف وتشييد القصور وتحسين الطرقات وتجميل المنتزهات، حيث اتسعت أبواب العيش وكثرة الموارد عندهم حتى إنهم أصبحوا، يستقبحون التسول، وإذا رأوا شخصًا صحيحًا قادرًا

(^١) انظر طوق الحمامة لابن حزم ص ٢٧٤، ٢٧٥.

1 / 107