Ibn Hanbal: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence
ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه
ولقد كان أحمد يثق به الثقة كلها، يثق بنقله، كما يثق بورعه وعقله، حتى إنه كان يقول كما ذكر الخلال: كل ما قلت، على لساني، فأنا قلته (١).
وقد روى أبو بكر عن أحمد مسائل كثيرة، ونقلها الخلال، وكان هذا به معجبا، ولقد كان ينقل عن بعض أصحابه أنه يقول فيه: ((ما علمت أحدا كان أذب عن دين الله منه)).
وقد روى فقها كثيرا، كما قلنا، وكانت روايته لحديثه أقل من روايته لفقهه، توفي سنة ٢٧٥ هـ.
٦٥ (٦) حرب بن إسماعيل الحنظلي الكرماني: وقد ابتدأ حياته سالكا مسلك الصوفية التي سادت في ذلك العصر، ولذلك تأخر في لقاء أحمد، فلم يلقه إلا في سن متقدمة، وقد نقل عنه ابن أبي يعلى أن أبا بكر الخلال سأله عن سبب تأخره في لقاء أحمد رضي الله عنه، فأجاب: «كنت أتصوف قديما، فلم أتقدم في السماع وقد كانت بينه وبين المروذي مودة، وقد أنزله في بيته عندما جاء للقاء أحمد، والمروذي هو الذي حرض تلميذه الخلال على السفر إليه والسماع منه، ونقل مسائل أحمد عنه، ولما شد الرحال للذهاب إليه زوده بكتاب يوصيه به، فأكرم بسبب هذا وفادته، وأظهره لأهل بلده، وسمع الخلال منه مسائل كثيرة وقد قال الخلال في وصفه: ((رجل جليل القدر)).
وقد نقل عن أحمد فقها كثيرا، ولكنه لم يسمع عنه كل ما أذاع عنه، حتى أن الخلال قال إنه حفظ أربعة آلاف مسألة عن أحمد وإسحاق بن راهويه قبل أن يستمع إليهما.
ومهما يكن من أمر حفظه لمسائل قبل أن يلقاه فإنه عندما التقى به كان يكتب عنه مسائل، وكان المروذي مع عظيم صلته بأحمد ينقل عنه ما كتب، وأبو بكر الخلال كان معنيا بأن ينقل عنه ما نقل المروذى.
ولقد نقل عن أحمد أنه كان يقول: ((الناس يحتاجون إلى العلم مثل الخبز والماء)) ولم يذكر ابن أبي يعلى تاريخ وفاته، لأنه لم يصل إليه علم ذلك فيما يظهر، ولكن قال الذهبي في طبقات الحفاظ إنه توفي سنة ٢٨٠ هـ.
(١) طبقات ابن أبي يعلى ص ٣٣، والمنهج الأحمدي ج ١ ص ٢٩٤، وتاريخ بغداد جـ ٤ ص ٤٢٤
180