174

Ibn Hanbal: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence

ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه

حفظ عنه ما حفظ، ونقل عنه ما نقل، وذلك ما كان بالنسبة لحرب الكرماني. فقد كان رجلاً متصوفاً، ثم اطلع على مسائل لأحمد، وإسحاق بن راهويه، فنقلها، ثم انتقل بعد نقلها إلى أحمد وروى عنه، وشافه، فليس في هذا ما يطعن في النسبة، ويبلغ درجة رد هذا الفقه، أو الشك المبني على سبب معقول يرد المشهور، ويناقض الظاهر ويهدمه.

٥٧ - أما اختلاف الأقوال، واختلاف الروايات، فإن ذلك مأثور عن كل الأئمة، ويختلفون فيه قلة وكثرة، وكان هناك اختلاف بشكل عام موجود في كل المذاهب ومروي عن كل الأئمة بقدر ليس بالقليل، والدافع إلى ذلك إخلاصهم في تحري الحق فقد يقول أحدهم قولاً برأيه، ثم يبدو له خلافه، فيوجب الحرص على الحق أن ينطق بما رأى آخراً، وإذا كان فقه أحمد قد كان نقله بطريق الرواية والمشافهة عنه، فإن احتمال الاختلاف في المنقول يكون قوياً، لأن أحمد قد ينقل عنه رأي في مسألة، ثم يرجع عنه ولا يعلم من نقل الأول الرجوع فتنقل الروايتان.

بل إن الشافعي الذي كتب فقهه أو أملاه، قد وجد فيما أملاه اختلاف الأقوال حتى فيما رواه الربيع بن سليمان الذي اعتبر ناقل كتب الشافعي في آخر أدوارها، فتراه ينقل في المسألة الواحدة رأيين، ثم يضيف إليهما أنه سمع عنه غيرهما، ولم يكن ذلك مثيراً للشك في صحة النقل، بل إن الشافعي كان أحياناً يذكر احتمالين في مسألة من غير أن يرجح أحدهما على الآخر.

وما كان التورع في طلب الحقيقة، والإخلاص في سبيلها طريقاً للطعن فيها، والشك في صحة نقلها، ولو كان اختلاقاً لكان قولاً واحداً، والله سبحانه وتعالى أعلم، وسنبين اختلاف الأقوال قريباً.

173