134

Ibn Hanbal: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence

ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه

من حروف وكلمات قديم، وأصرح من هذا إجابته التي نقلت إلى المأمون، «فقد وجه إليه السؤال هكذا: ما تقول في القرآن، فأجاب هو كلام الله، فقيل له أمخلوق هو؟ فقال هو كلام الله لا أزيد عليها، ولما قيل له إن الله لا يشبهه شيء من خلقه في معنى من المعاني، قال ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير»(١)

وإن هذا كلام صريح في التوقف، ليس فيه جزم بأمر معين.

١٢- ولكن ابن قتيبة تلميذ عبد الرحمن مهدي المعاصر لأحمد، يرد تلك الرواية، أو هذا التخريج عن أحمد رداً قوياً، وينفي أن أحمد سكت عن الحكم في المسألة، ويرى أن موقف الساكتين شفيع لا يمكن أن يكون من مثل أبي عبد الله، فيقول فيهم:

«ولم أر في هذه الفرق أقل عذراً ممن أمر بالسكوت والتجاهل بعد هذه الفتنة، وإنما يجوز أن يؤمر بها قبل تفاقم الأمر ووقوع الشحناء، وليس في غرائز الناس احتمال الإمساك عن أمر في الدين قد انتشر هذا الانتشار، وظهر هذا الظهور، ولو أمسك عقلاؤهم ما أمسك جهلاؤهم، ولو أمسكت الألسنة ما أمسكت القلوب، وقد كان لهؤلاء أسوة فيمن تقدمهم من العلماء حين تكلم جهم وأبو حنيفة(٢) في القرآن، ولم يكن دار بين الناس قبل ذلك، ولا عرف، ولا كان فيما تكلم فيه الناس، فلما فزع الناس إلى علمائهم لم يقولوا هذه بدعة، لم يتكلم الناس فيها، ولم يتكلفوها، ولكنهم أزالوا الشك باليقين، وجَلَوا الحيرة، وكشفوا الغمة، وأجمعوا رأيهم على أنه غير مخلوق، فأفتوهم بذلك، وأدلوا بالحجج والبراهين، وناظروا وقاسوا، واستنبطوا الشواهد من كتاب الله عز وجل...»(٣)

ولقد روي عن أحمد أنه قال: «من زعم أن القرآن مخلوق، فهو جهمي، والجهمي كافر، ومن زعم أنه غير مخلوق فهو مبتدع».

ولكن ابن قتيبة ينكر هذه الرواية أيضاً، ويعدها عجيبة من العجائب، ثم يقول:

(١) راجع أخبار المحنة.
(٢) المحقق أن أبا حنيفة لم يخض في هذا، ولم يشتهر الكلام فيه في عصره.
(٣) اختلاف اللفظ ص ٥٩.

133