Ibn Hanbal: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence
ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه
ويشير إلى أنه إن حصل العصيان يكون الشخص مسلماً. ولا يسمى مؤمناً، وهنا نجده يتقارب من المعتزلة، ولكنه سرعان ما يبتعد عنهم، لأنهم يرون أن من يموت عاصياً مخلد في النار، وأحمد يفوض أمر من يموت عاصياً إلى ربه، فإن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه، وبهذا تكون المحاجزات قوية بينه وبين المعتزلة، ومن يقاربهم. وهو في هذا الاعتقاد يعتمد على النصوص، ولا يعتمد على شيء سواها، يسير في اتجاهها، وينتهي إلى حيث تنتهي إليه.
٢ - حكم مرتكب الكبيرة
٦ - وإن مسألة مرتكب الكبيرة كانت موضع نظر واختلاف بين العلماء، فالخوارج يعدونه كافراً، والحسن البصري من التابعين كان يعده منافقاً، والمعتزلة يعدونه في منزلة بين المنزلتين، وقد يسمونه مسلماً، وهو عندهم مخلد في النار، وأبو حنيفة ومالك والشافعي يعدونه مؤمناً، ويتركونه لأمر الله سبحانه وتعالى، فإن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه
والمرجئة يقولون: إن الإيمان لا تضر معه معصية، كما لا ينفع مع الكفر عمل طاعة، وإن رحمة الله وسعت كل شيء، أولئك هم المرجئة الذين فتحوا الباب على مصراعيه للفجار، وأهل المعاصي، والشهرستاني يقول إن هناك مرجئة أهل السنة، ورأيهم كرأي أبي حنيفة ومالك والشافعي رضي الله عنهم، وهو أن العاصي مرجأ أمره، ومفوض مصيره إلى ربه، إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه.
وأحمد رضي عنه في هذا الأمر كأولئك الفقهاء السالفين، لم يشذ عن طريقهم، والنصوص المنقولة عنه في هذا كثيرة، فهو يقول في وصف المؤمن: ((أرجأ ما غاب عنه من الأمور إلى الله، وفوض أمره إلى الله، ولم يقطع بالذنوب العصمة من عند الله وعلم أن كل شيء بقضاء الله وقدره، الخير والشر جميعاً، ورجا لمحسن أمة محمد، وتخوف على مسيئهم، ولم ينزل أحداً من أمة محمد الجنة بالإحسان، ولا النار بذنب اكتسبه، حتى يكون الله الذي ينزل خلقه حيث شاء)) (١)
(١) المناقب لابن الجوزي ص ١٦٥
126