1: 61 ال احسن التوسل الى صناعة الترسل تاليف الامام الفاضل جامع اشتات الفضائل شهاب الدين ابى الثتاء محمود بن سليمان الحلبي الخفي صاحب ال ديوان الانشاء بدمشق المتوفي سنة725تغمده الله بغفرائه امين (على نفقة امين افندي هنديه) ( طبع بمطبعة امين افندي هنديه بدرب الجنينة بغيط النوبي بمصر) مجريه بان
Página 1
============================================================
د 1 اااا (م* بسم اللاا1به أما بعد حمدا لله جاعل الانسان مخبوا تحت اللسان محبوا من مواهب البلاغة في المنطق بالمراتب الحسان والصلاة والسلام على سيدنا محمد المخصوص من ممجز القرآن باوضح برهان وعلى اله وصحبه والتابعين لهم باحسان فانه لما جعل الله لي فى كتابه الانشاء رزقا باشرت بسيبه من وظائفها ما باشرت وعاشرت من آجله من آكابر آهلها وايتمتها من عاشرت ورآيت من مذاهبهم في اساليبها ما الالاايت ورويت عنهم من قواعدها بالمجاورة والمحاورة ما رويت واطلعت فيها بكثرة المباشرة على طرائق والحيت فيها باختلاف الوقائع الى مضائق اي مضائق الاونشا لي من الولد وولد الولد من عاناها وترشح لها من بني من لم ارض له بالتلبس بصورتها دون التحلي بمعناها فاحببت آن آضع لهم ولمن يرغب فى ذلك في هذه الاوراق من فصولها قواعد وآقيم لهم فيها على ما لا يسع الجهل به من اصولها وفروعها شواهد لياتوا هذه الصناعة من ابوابها ويعلموا من طرقها ما هو الاخص بأوضاعها والاولى بها { وسميته حسن التوسل الى صناعة الترسل) الوما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه آنيب فأول مايبدا به من ذلك حفظ كتاب الله تعالى ومداومة قراءته وملازمة درسه وتدبر معانيه حتى لايزال مصورا في فكره دائرا على لسانه ممثلا فى قلبه ذاكرا له فى كل مايرد عليه من الوقائع التى يحتاج الى الاستشهاد به فيها ويفتقر الى اقامة الادلة القاطعة به عليها وكفى بذلك معينا له في قصده ومغنيا له عن غيره قال الله تعالى مافر طنا فى الكتاب ال من شيء وقد اخرج من الكتاب العزيز شواهد لكل ما يدور بين الناس في محاوراتهم ومخاطباتهم مع قصور كل لفظ ومعنى عنه وعجز الانس والحجن عن الاتيان بسورة من مثله ومن ذلك ان سائلا قال لبعض العلماء اين مجد في
Página 2
============================================================
(3) كتاب الله تعالى قولهم الحجار قبل الدار قال فى قوله تعالى وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرآت فرعون اذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة فطلبت الجار قبل الدار ونظائر ذلك كثيرة وأين قول العرب القتل أنفى للقتل لمن أراد الاستشهاد فى هذا المعنى من قوله عز وجل ولكم في القصاس حياة ال واكث الناس على جواز الاستشهاد بذلك ما لم يحل عن لفظه ولم يغير معناه فمن ذلك ما روى في عهد آبي بكر رضى الله عنه هذا ما عهد أبوبكر خليفة ال رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر عهده بالدنيا وأول عهده بالآخرة اني استخلفت عليكم عمر بن الخطاب فان بر وعدل فذلك ظني بهوان جار وبدل فلا علم لي بالغيب والخير آردت بكم ولكل امرئ ما اكتسب من الاثم وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون وروى ان عليا رضي الله عنه قال للمغيرة بن شعبة لما اشار عليه بتولية معاوية وما كنت متخذ المضلين عضدا وكتب في آخر كتاب الى معاوية وقد علمت مواقع سيوفنا في جدك وخالك وأخيك وما هى من الظالمين ببعيد وقول الحسن بن علي عليه السلام لمعاوية وان أدري لعله فتة لكم ومتاع الى حين پررى متل ذلك عن ابن عباس رضى الله غهما وكتب الحسن الى معاوية أما بعد فان الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين ورسولا الى الناس اجمعين لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين * وكتب محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي الى المنصور في صدر كتاب لما حاربه طسم تلك آيات الكتاب المبين نتلو عليك من تبأ موسى وفرعون الى قوله تعالى منهم ماكانوا يحذرون ونقض عليه المنصور في جوابه عن قوله انه ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ونقل عن الحسن البصري رحمه الله مايدل على كراهية ذلك فقال حين بلغه آن الحجاج آنكر على رجل استشهد بآية أنسى نفسه حين كتب الى عبد الملك بن مروان بلغني أن أمير المؤمنين عملس فشمته من حضر فرد عليهم ياليتنى كنت معهم فأفوز فوزا عظيما واذا صحت هذه الرواية عن الحسن فيمكن أن يكون انكاره على الحجاج لكونه انكر على غيره مافعله هو
Página 3
============================================================
(4)
ال و ذهب بعضهم الى أن كل ما أراد الله به نفسه لا يجوز آن يستشهد به الا فيما ي ضاف الى الله سبحانه وتعالى مثل قوله تعالى ونحن آقرب اليه من حبل الوريد ل وقوله تعالى بلى ورسلنا لديهم يكتبون وبحو ذلك مما يقتضيه الادب مع الله الا اسبحانه وتعالى ومن شرف الاستشهاد بالكتاب العزيز اقامة الحجة وقطع النزاع ال و اذعان الخصم كما روى أن الحجاج قال لبعض العلماء أنت تزعم آن الحسين الارضى الله عنه من ذرية رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتني على ذلك بشاهد ال من كتاب الله عز وجل والا قتلتك فقرا وتلك حجتنا آتيناها ابراهيم الى قوله ومن ذريته داود وسليمان وايوب وبوسف وموسى وهرون و كذلك يجزى المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى هو ابن بنته فأسكت الحجاج وقد تقوم الآية الواحدة المستشهد بها في بلوغ الغرض وتوفية المقاصد مالا تقوم به الكتب المطولة والادلة القاطعة وأقرب ما اتفق من ذلك آن صلاح الدين رحمه الله كتب الى بغداد كتابا يعدد فيه مواقفه فى اقامة دعوة بني العباس بمصر فكتب جوابه بهذه الآية يمنون عليك أن أسلموا قل لاتمنوا على اسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للايمان ان كنتم صادقين ومن ذلك ما كتبه الادفونش الى ال ي عقوب بن عبد المؤمن بخط وزير له يقال له ابن الفخار باسمك اللهم فاطر ال الاسموات والارض والصلاة على السيد المسيح عيى ابن مريم الفصيح آما بعد فانه لا يخفى على ذي ذهن ثاقب وعقل لازب انى آمير الملة النصرانية كما انك أمير الملة الحنيفية وقد علمم ما عليه رؤساء جزيرة الاندلس من التخاذل والتواكل ال و اخلادهم الى الراحة وآنا آسومهم الخسف وأخلي منهم الديار واجوس البلاد ال و اسي الذراري واقتل الكهول والشبان لا يستطيعون دفاعا ولا يطيقون امتناعا ولا عذر لك في التخلف عن نصرتهم وقد امكنتك يد القدرة وأنم تعتقدون أن الله عن وجل فرض عليكم قتال عشرة منا بواحد منكم فالآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فلتقاتل عشرة منكم الواحد مناثم بلغني أنك أخذت في الاحتفال وأشرفت على ربوة الاقبال وتماطل نفسك عاما بعد عام وأراك تقدم وجلا وتؤخر أخرى ولست آدري اكان الحين آخطا بك ى
Página 4
============================================================
(5) أو التكذيب بما أنزل عليك ربك ثم بلغتى أنك لاتجد الى الجواز سبيلا لعلة لايسوغ لك التقحم معها فأنا آقول مافيه الراحةلك واعتذر لك وعنك على أن تفي لي بالعهود والموائيق والاستكثار من الرهن وترسل الي بجملة من عبيدك بالمراكب والشوانى والا آجوز بجملقي اليك وآبارزك في آعز الاماكن عليك الفان كانت لك فضيمة وجهت اليك وهدية عظيمة مثلت بين يديك وان كانت لي كانت يدي العليا عليك واستوجبت سيادة الملتين والحكم على الدينين والله تعالى يسهل مافيه الارادة ويوفق للسعادة لارب غيره ولا خير الا خيره فكتب ال راحمه الله على آعلا كتابه ارجع اليهم فلناتيهم بجنود لاقبل لهم بها ولنخرجهم منها آذلة وهم صاغرون * ومما جوزوا الاستشهاد به مالا يقصد به الا التلويح الى الآية دون اطراد الكلام كقول القاضي الفاضل رحمه الله مما كتب به الى الخليفة عن صلاح الدين في الاستصراخ وتهويل أمر الفرعج رب اني لا آملك الانفسي وهاهى في سبيلك مبذولة واخى وقد هاجر اليك هجرة يرجوها ال مقبولة وقد اكثر الناس في الاستشهاد فمفرط فى الحسن ومفرط فأما تغيير شيء من اللفظ بغيره آو احالة معنى عما أريد به فلا يجوز وينبغي العدول عنه مهما أمكن والله أعلم * ويتلو ذلك الاستكثار من حفظ الاحاديث النبوية صلوات الله على قائلها وسلامه وخصوها في السير والمغازي والاحكام والنظر في معانيها ال وغريبها وفصاحتها وفقه مالا بد من معرفته من احكامها لينفق منها عن سعة الاويستشهد بكل شيء في موضعه ويحتج بمكان الحجة ويستدل بموضع الدليل ال وينصرف عن علم بموضوع اللفظ ومعناه ويبنى كلامه على أصل لايرفع ويسوق مقاصده الى سبيل لا يصد عنه ولا يدفع فان الدليل على المقصد اذا استند الى النص سلم له وسلم والفصاحة اذا طلبت غايتها فهى بعد كتاب الله في كلام من اوتي جوامع الكلم وقد كان على ذلك الصدر الاول من الصحابة الاوتابعيهم رضى الله عنهم فمن ذلك قول عكرمة بن ابي جهل في منازعة الانصار يوم السقيفة والله لولا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الأئمة من قريش لما آبعدنا منها الانصار ولكانوا لها آهلا ولكنه قول لاشك فيه ولا الا
Página 5
============================================================
(6) خار فأقام الحجة من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بدليل لايرد * ومن ل ذلك قول علي بن ابي طالب كرم الله وجهه في حق الانصار والله لو زالوا ال لزلت معهم لقول وسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم أزول معكم حيثما زلتم هذا في الاستشهاد * فاما فى الحل فالاولى ان يراعي لفظه ما آمكن والا فمعناه مما لا بد منه حدث الزبير بن بكار قال حدثني محمد بن سلام قال قال ابن عون ادركت ستة من المحدثين فثلاثة يؤدون الحديث بلفظه وثلاثة اذا أدوا حد ثوا ال بالمعنى لم يبالوا كيف قالوا فأما الثلاثة المؤدون باللفظ فابن سيرين والقاسم بن محمد بن أبي بكر ورجاء بن حيوة وأما الثلاثة الذين يجيئون بالمعنى فالحسن وابراهيم ال و الشعبي فاما ما حال به المعنى في الحل مثل قول ضياء الدين بن الاثير في حل الحديث الوارد في النهي عن وطء النساء الحوامل وهو قول النبى صلى الله عليه وسلم لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر آن يستي ماءه زرع ال غايره من آنه نقله الى وصف منعم يشارك في الاحسان فقال فاذا سمع بمنعم شركه ال في نعمانه وخالف نص الخبر في سقي زرع غيره بمائه فالاولى اجتناب مثل ذلك لما فيه من احالة معنى الحديث وخصوصا وقد فخشه بقوله وخالف نس الخبر ل واذا كانت القاعدة عند آهل هذه الصناعة ان الامثال لا تغير الفاظها لاشتهارها بذلك اللفظ ودورانها على الالسنة فالحديث احق واولى ويتبع ذلك قراءة ما الايتفق من كتب النحو التى يحصل بها المقصود من معرفة العربية بحيث يجمع ين طرفي الكتاب الذي يقراء ويستكمل استشراحه ويكب على الاعراب الاويلازمه ويجعله دابه ليرتسم في فكره ويدور على لسانه وينطلق به عقال قلمه وكلمه ويزول به الوهم عن سجيته ويكون على بصيرة من عبارته فانه لو آتى من البلاغة بآتم ما يكون ولحن ذهبت محاسن ما اتى به وانهدمت طبقة كلامه والقى بيع مايحسنه ووقف به عند ما جهله ويتعلق بذلك قراءة مايتهيا من مختصرات كتب اللغة كالفصيح وكفاية المتحفظ وغير ذلك من كتب الالفاظ ليتسع عليه ال ن طاق النطق وينقسح له مجال العبارة وينفتح له باب الاوصاف فيما يحتاج الى وصفه ال من خيل او سلاح او حرب او سير اوقتال او غير ذلك مما يحتاج الى وصفه
Página 6
============================================================
(7) ويضطر الى نعته ويتصل بذلك حفظ خطب البلغاء من الصحابة وغيرهم ومخاطباتهم ومحاوراتهم ومراجعاتهم وما ادعاه كل منهم لنفسه أو لقومه ومانقضه عليه خصمه لما في ذلك من معرفة الوقائع بنظائرها وتلقى الحوادث بمشاكلها والاقتداء بطريقة من فلج على خصمه واقتفاه آثار من اضطر الى عذر آو ابطال دعوى كد ك مه رقد م بنه بهبته شد ماند ذلك حديث عبد الرحمن بن عوف قال دخلت على آبي بكر الصديق رضي الله عنه فى علته التي مات فيها فقلت اراك بارثا ياخليفة رسول الله فقال اما اني على ذلك لشديد الوجع ولما لقيت منكم يا معشر المهاجرين الاولين اشد على
من وجعي اني وليت أموركم خيركم في نفسى فكلكم ورم انفه يريد ان يكون له الامر والله لتتخذن نضائد الديباج وستور الحرير ولتالمن النوم على الصوف الآذري كما يألم أحدكم النوم على حسك السعدان والذي نفسي بيده لآن يقدم احدكم فتضرب رقبته في غير حد خير له من ان يخوض غمرات الدنيا يا هادي الطريق حرت انما هو والله العجز آو التحير فقلت خفض عليك يا خليفة رسول الله فان هذا يهيضك الى ما بك فو الله ما زلت صالحا مصلحا لا تأسي على شيء فاتك من أمور الدنيا ولقد قمت بالامر وحدك فما آردت الاخيرا (وكتب) علي رضى الله عنه الى ابن عباس رضى الله عنهما وهو بالبصرة أما بعد فان المرء يسره ادراك مالم يكن ليحرمه ويسوؤه فوت ما لم يكن ليدركه فليكن سرورك بما قدمت من آجر آو منطق وليكن اسفك فيما فرطت فيه من ذلك وانظر ما فاتك من الدنيا فلا تكن عليه جزعا وما نلته فلا تنعم به فرحا وليكن همك لما بعد الموت ومن ذلك ما حكى عن الربيع رحمه الله قال كتا وقوفا على رأس المنصور وقد طرحت للمهدي وسادة اذ أقبل صالح ابنه وكان قد رشحه ان يوليه ال بض امرء فقام بين السماطين والناس على قدر طبقاتهم ومواضعهم فتكلم فآجاد فمد المتصوريده اليه ثم قال الي يا بي فاعتتقه ونظر في وجوه اصحابه هل آحد يذكر مقامه ويصف فضله وكلهم كره ذلك وهاب المهدي فقام شبة بن عقال التقميمى ثم قال لله در خطيب قام عندك يا أمير المؤمنين ما افصح لسانه واحسن
Página 7
============================================================
(8) بياته وامضى جنانه وابل ريقه واسهل طريقه وكيف لايكون كذلك وامير المؤمنين ابوه والمهدي اخوه وكما قال زهير بن ابى سلمى طلب شاو امرأين قدما حسنا * بذا الملوك وبذاهدة السوقا هو الجواد فان يلحق بشاوهما * على تكاليفه فمثله لحقا او يسبقاه على ما كان من مهل * فثل ماقد ما من صالح سبقا قال الربيع فأقبل على من حضر فقال والله ما رآيت مثل هذا تخلصا آرضى امير المؤمنين ومدح الغلام وسلم من المهدي فالتفت الي المنصور وقال يا ربيع لا ال ينصرف التميمي الا بثلاثين آلف درهم (وحكي) أن رجلا دخيل على المهدي فقال يا أمير المؤمنين المنصور شتمنى وقذف آمي فآما آمرتي آن آحلله وآما عوضتي فاستغفرت له قال ولم شتمك قال شتمت عدوه بحضرته فغضب قال من ال عدوه الذي غضب لشتمه قال ابراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن قال ان ابراهيم امس به رحما واوجب عليه حقا فان كان شتمك كما زعمت فعن رحمه ذب ال و عن عرضه دفع وما آساء من انتصر لا بن عمه قال انه كان عدوا له قال فلم ينتصر للعدو انما انتصر للرحم فاسكت الرجل فلما ذهب ليولى قال لعلك آردت آمرا فلم تجد له عندك ذريعة آبلغ من هذه الدعوى قال نعم فتبسم وآمر له بخمسة آلاف درهم * ومن ذلك ما حكى الزبير بن بكار آن معاوية قال لعمرو ابن العاص رضى الله عنه آن راس الناس مع على عبد الله بن عباس فلو القيت اليه كتابا ترققه فانه ان قال قولا لم يخرج منه على عليه السلام وقد اكلينا هذه الحرب فكتب الى ابن عباس كتابا منه (آما بعد) فان الذي تحن وآتتم فيه ليس باول آمر قاده البلاء وآنت راس الناس بعدعلي فانظر في هذا الامر بعين ما مضى فوالله مابقت هذه الحرب لنا ولكم حياة واعلم بآن الشام لا يملك الا بهلاك العراق وان العراق لا يملك الا بهلاك الشام فما خيرثا بعد اعذارنا فيكم وما خيركم بعد اعذاركم فينا ولسنا نقول ليت الحرب عادت علينا ولكتنا نقول ليتها لم تكن وان فينا لمن يكره اللقاء كما ان فيكم من يكرهه وانما هوامير مطاع اومآمور مطيع او مشاور مأمون وهوانت ثم بعث به اليه فاقرا ابن عباس عليا الكتاب فقال و
Página 8
============================================================
(9) اجبه فكتب اليه ابن عباس جوابا منه (أما بعد) فاني لا اعلم احدا من العرب اقل حياء منك مال بك الى معاوية الهوى وبعه دينك بالخطر اليسير ثم خبطت الناس في طخحياء طمعا في هذا الملك فلما لم ترشيأ اعظمت الدماء اعظام اهل الدين واظهرت فيها نزاهة اهل الورع لا تريد بذلك الا انك تهيبت الحرب فان كنت تريد الله بذلك فدع مصر وارجع الى بيتك فان هذه الحرب ليس علي فيها كمعاوية بدأها علي بالحق وانتهى فيها الى العذر وبدآها معاوية بالظلم ال وانتهى فيها الى السرف (وحكى) ان عتبة ابن أبى سفيان قال لعبد الله بن ال ع باس رضى الله عنهما ما منع عليا ان يبعثك مكان ابى موسى يوم الحكمين قال منعه والله من ذلك حاجز القدر وقصر المدة ومحنة الابتلاء اما والله لو بعنى مكانه لاعترضت لعمرو في مدارج نفسه ناقضا ما ابرم ومبرما ما نقض أسف اذا طار وأطير اذا اسف ولكن مضى قدر وبقى أسف ومع اليوم غد والآخرة خير لامير المؤمنين من الاولى (ومن ذلك) ما كتبه معاوية الى علي رضى الله عنه أما بعد فايك لكل الخلفاء حسدت وعلى كلهم بغيت فاجابه لم تكن الجناية عليك حتى تكون المعذرة اليك ووفد على هشام بن عبد الملك وفود العرب يشكون جدب الحجاز فقال أصغرهم سنا يا أمير المؤمنين أصابتنا سنون ثلاث احداهن أذابت الشحم والثانية أكلت اللحم والثالثة آنقت العظم وفي آيديكم فضول آموال فان كانت لله فانفقوا من مال الله في عباد الله وان كانت لهم فردوا فيهم من ما لهم وان كانت لكم فتصدقوا عليهم منها فان الله يجزي المتصد قين فقال هشام لله دره لم يترك لنا في واحدة عذرا * فانظر في هذا ل وأمثاله والحفظ منه والاكثار من مطالعته مما يشحذ القرايح ويفتق الاذهان الاويرتسم في الخواطر ويكمن في الافكار حتى يفيض ما غاض منه على لسان القلم ال وببدو منه لكل واقعة منوال يسج عليه * ومثال ينظر في نظار الامور اليه ثم النظر فى ايام العرب ووقائعهم وحروبهم وتسمية الايام التى كانت بنهم ومعرفة اليوم كل قبيلة على الاخرى وما جرى بينهم في ذلك من الاشعار والمناقضات لما فى ذلك من العلم بمايستشهد به من واقعة قديمة او يرد عليه في مكاتبة من لال
Página 9
============================================================
(10) الملاءه او كان حاضر بسطام ما خر على الالامه وكقول ابى تمام اذا افتخرت يوما تميم بقوسها * وزادت على ما وطدت من مناقب فأنم بذى قارأ مالت سيوفكم * عروش الذين استر هنواقوس حاجب يشير الى ان حاجب بن زرارة التميمي وفد على كسرى في سنة جدب فقال له الحاجب من انت فقال رجل من العرب فلم دخل على كسرى قال له من انت قال سيد العرب قال آلم تقل بالباب انا رجل من العرب قال كنت بالياب ال رجلا منهم قلما حضرت بين يلهي الملك سدتهم فملأ فمه درا وشكى اليه محل الحجاز وطلب منه الف حمل برا على ان يعيد ثمنها فقال وما ترهنني على ذلك قال قوسى فاستعظم همته وقال قبلت وآعطاء حمل آلف بعير برا ومات حاجب فأحضر بنوه بعدموته المال وطلبوا قوس آيهم فافتخرت تميم بذلك فأشار أبو تمام الى هذه المنقبة وقال فآتم بذى قارا بادت سيوفكم * جيوش الذين استر هنوا قوس حاجب وأمثال ذلك في نظائره كثيرة في النظم والنثر فاذا لم يكن صاحب هذه الصسناعة عارفا بكل يوم من هذه الايام عالما بما جرى فيها لم يدر كيف يجيب عما يرد اليه اال من مثلها ولا ما يقول اذا سثل عنها وحسبه ذلك نقصا في صناعته وقصورا ال عما يتخم عليه من معرفته وحسن الجواب فيه عند السؤال عنه (ثم النظر في التواريخ) ومعرفة اخبار الدول لما في ذلك من الاطلاع على سير الملوك وسياساتهم وذكر وقائعهم ومكائدهم في حروبهم وما اتفق لهم من التجارب التى بلغوا بها اقصى المآ رب وغدت لمن بعدهم كالمرآة التي تصور لهم وجوه التدبير وتريهم ما استتر عنهم من صغير أحوالهم والكبير فانه قد يضطر الى السؤال عن ال احاوال من سلف من اول العصر والى الآن ويستخبر كيف كان الامر بين اا ا ا الا
Página 10
============================================================
(11) زيد وعمرو وكيف انتصر فلان على فلان او يزد عليه في كتاب ذكر واقعة بيها او حج عليه بصورة قديمة فلا يعرف حقيقتها من مجازها ولا صدقها من مينها (ثم حفظ اشعار العرب) ومطالعة شروحها واستكشاف غوامضها التقل وصقل مرآة العقل وانتزاع الامثال والاخذ في اختراع المعاني على اصح مثال والاطلاع على اصول اللغة وشواهدها والاضطلاع من نوادر العريية الو شواردها وقد كان الصدر الاول يعتنون بذلك غاية الاعتناء فذكر ان عمر ال رضي الله عنه كان يقدم زهير بن ابى سلمى فى الشعر فقيل له بم استحق ذلك عندك فقال كان لا يعاظل بين القول ولا يتبع حوشي الكلام ولا يصف الرجل الا بما يكون في الرجال (وذكر) عن بعض الايمة انه كان يحفظ ديوان هذيل الوذكر ايو البركات بن الانبارى في كتاب طبقات الادباء فى ترحمة أبى جعفر احمد بن اسحق البهلول بن حيان الانبارى انه كان فقيها عالما واسع الادب وتقلد اا المصيبة ويسليه وينشده آشعارا ويروي له اخبارا فداخله الطبري في ذلك ثم اتسع الامر بينهما فى المذاكرة وخرجا الى فنون كثيرة من الادب والعلم استحسها الحاضرون واعجبوا بها وتعالى النهار وافترقا فقال لي ابي يابنى من هذا اشخ الذي داخلنا اليوم في المذاكرة فقلت يا سيدي كاتك لم تعرفه قال لا قلت هذا ابو جعفر الطبري فقال انا لله ما احسنت عشرتي فقلت كيف يا سيدي فقال الا نبهتنى في الحال فكنت اذا كره بعض تلك المذاكرة هذا رجل ال مشهور بالحفظ والاتساع فى صنوف العلم ما ذا كرته بحسيها ومضت على هذا مدة فخضرنا في حق آخر وجلسنا واذا بالطبري يدخل الى الحق فقلت له قليلا قليلا أيها القاضي هذا ابو جعفر الطبري قد جاء مقبلا فأوما اليه بالجلوس عنده فعدل اليه وجلس الى جانبه واخذ يجاريه فكلما جاء الى قصيدة ذكر ى
Página 11
============================================================
(12) الطبري منها ابياتا قال ابى هاتها يا ابا جعفر الى آخرها فيتلعم الطبري فينشدها ابي الى آخرها وكلما ذكر شيا من السير قال ابي هذا كان فى قصة فلان ويوم نى فلان مريا ابا جعفر فيه فربما مرور بما تلعتم فير ابى في جميعه ثم قمنا فقال لي الآن شفيت صدري ( فاذا اكثر) المترشح للكتابة من حفظ ذلك وتدبر ال معانيه سهل عليه حله وظهرت له مواضع الاستشهاد به وساقه الكلام الى ابراز ال ما في دخيرة حفظه ووضعه في مكانه ونقله في الاستشهاد او التضمين الى ما كأئه ال وضع له كما اتفق للقاضي ابى بكر الارجاني في تضمين انصاف ابيات للعرب في بض قصابده فقال الواهد الى الوزير المدح يجعل * لك المرباع منها والصفايا الاورافق رفقة رحلوا اليه * فابوا بالنهاب وبالسبايا الوقل للراحلين الى ذراء * الستم خير من ركب المطايا ولا تسلك سوى طرقى فاني * أنا ابن جلا وطلاع الثنايا وكما قال بديع الزمان الهمداني انا لقرب دار مولاي كما طرب النشوان مالت به الخر ومن الابتهاج لمرآه كما انتفض العصفور بلله القطر ومن الارتياح الى لقائ كما التقت الصهاء والبارد العذب ومن الامتزاج بولايه كما اهتز تحت البارح الفصن الرطب * وكذلك حفظ جانب جيد من شعر الحخدثين كأبي تمام ومسلم ال بن الوليد والبحتري وابن الرومي والمتنبي للطف مأخذهم ودوران الصناعة في كلامهم ورقة توليد المعاني في اشعارهم وقرب اسلوبهم من اسلوب الخطابة ل والكتابة وخصوصا المتنبي الذي كائه ينطق عن السنة الناس في محاوراهم وكثر الاستشهاد بشعره حتى قل من يجهله وحتى اكتفى بالبيت الواحد في الدلالة على القصد وبلوغ الغرض في الجواب كما كتب بعض ملوك العرب الى من كرر كتبه ورسله اليه بقول المتنبى الاولا كتب الا المشرفية عنده * ولا رسل الا الخيس العرمرم وكذلك النظر في وسائل المتقدمين دون حفظها لما في النظر فيها من تتقيح القريحة وارشاد الخاطر وتسهيل الطرق والنسج على منوال المجيد والاقتداء الا
Página 12
============================================================
(13) بطريقة المحسن واستحلاء ما انتجته القرائح من ابكار الافكار واستحلاء ما روقته الخواطر من حياض الالفاظ واستدراك ما فات القاصر والاحتراز مما اظهره النقد ورد ما بهرجه السبك فاما النهى عن حفظ ذلك فلئلا يكل الخاطر عما في حاصله ويستند الفكر الى ما في مودعه ويكتفي بما ليس له ويتلبس بما لم يعط كلابس توبي زور (فمن ملح كلامهم) التى يتعين الاحتقاظ بها دون حفظها ويعلم المتعرض لهذه الصناعة انه لا سبيل له الى الجمع بين معناها ولفظها ما كتب به عبد الحميد ابن يحيى عند ظهور الخراسانية بشعار السواد * فاتبتوا الارثما تنجلي هذه الغمرة وتصحو هذه السكرة فسينضب السيل وتمحى آية الليل الومن ذلك قول ابراهيم بن العباس الصولي اذا كان للمحسن من الثواب ما ي قنعه وللمسئ من النكال ما يقمعه بذل المحسن ما يجب عليه رغبة وانقاد المسئ الى ماكلفه رهبة (ومن ذلك قول ابي نصر الضبي) لما سمع القوم باقباله دب
الفشل في تضاعيف احسابهم وسرى الوهل في تفاريق اعصابهم وضاقت عليهم الارض بما رحبت فجيوب الاقطار عنهم مزرورة وذيول الخذلان عليهم مجرورة (ومنه قول الصابي) نزغ به شيطانه وامتدت به في الغي آشطانه (ومنه قول ال ب ديع الزمان) كتابي الى البحر وان لم اره فقد سمعت خبره والليث وان لم القه ال فقد تصورت خلقه والملك العادل وان لم آكن لقيته فقد بلغنى صيته ومن راى ال من السيف آثره فقد رآى اكثره وهذه الحضرة وان احتاج اليها المامون ولم ياستغن عنها قارون فان الاحب الي آن آقصدها قصد موال والرجوع عنها بكمال احب الى من الرجوع عنها بمال قدمت التعريف وانا انتظر الجواب الشريف (ومته قول القاضى الفاضل) ووافينا قلعة نجم وهى نجم في سحاب ال و عقاب في عقاب وهامة لها الغمامة عمامة وانملة اذا خضبها الاصيل كان الهلال لها قلامة ونظائر ذلك في رسائلهم ورسائل غيرهم كثيرا جدا * فاما من قصده المحاضرة بذلك دون الانشاء فالاحسن به حفظ ذلك وآمثاله وكذلك النظر في كتب الامثال الواردة عن العرب نظما ونثراكا مثال الميداني والفضل ال ن سلمة الضبي وحمزة الاصبهاني وغيرهم وامثال المحدثين الواردة فى اشعارهم
Página 13
============================================================
(14) كما ني التاهية وابى قام والنبيى وامثال الولدين والانال الوضوعة على السن الحيوان للعرب وغيرهم ايستشهد بالمثل في موضعه ويورده في مكانه ويكون من ااوراء المعرفة باصله واول من ارسله مثلا ومن استشهد به وذكر سببه كمثل ال ق اولهم عند الصباح يحمد القوم السرى واول من قال ذلك خالد بن الوليد الار ضى الله عنه قاله في صح ليلة قطع فيها باصحابه مفازة كانت فى طريقه من العراق الى الشام وقولهم ساء سمعا فأساء اجابة اول من قال ذلك سهيل بن عمرو وكان تزوج صفية بنت آبى جهل فولدت له ابته انسا فرآه الاخنس ابن شريق الثقفي معه فقال من هذا فقال سهيل ابني فقال الاخنس حياك الله يافتى اين امك فقال لا والله ما امي ثم انطلقت الى ام حنظلة تطحن دقيقا فقال ابوه ساء سمعا فاساء اجابة فلما رجعا قال ابوه لامه فضحني ابنك اليوم قال كذا وكذا فقالت انما ني صبي فقال اشبه امرؤ بعض بزه فارسلها مثلا وكتب الامثال موضوعة لذلك (وآما التمثل بالشعر) فقد روى ان عمر رضى الله عنه تمثل يوما بقول النابغة الاولوست بمستبق اخا لا تلمه * على شعث اي الرجال المهذب ثم قال لمن هذا فقيل له للنابغة فقال ذاك اشعر شعرائكم وسأل عمر ابن عباس ال رضىالله عنهم عن شيء فاجابه عنه فاصجبه جوابه فقال شنشنة اعرفها من اخزم الوامثال ذلك مما تمثل به الصحابة كثير (واما الموضوع) على السن الحيواتات فقد روى ان عليا رضى الله عنه حين راى خلاف اصحابه وتخاذلهم قال انما اكلت يوما اكل الثور الابيض يعني انما خذلت يوما خذل عثمان وحكاية هذا المثل انهم قالوا اصطحب اسد وثور احمر وتور اسود وتور ابيض في اجمة فقال الاسد للاحمر وللاسود هذا الابيض يفضحنا بلونه ويطمع فينا من يقصدنا فلو التركتمانى آكله امنا فضيحة لونه فاذ ناله في ذلك فاكله ثم قال للاحمر هذا الاسود يخالف لوني ولونك ولو بقيت انا وانت ظن من يراك اسدا مثلي فدعني آكله فسكت عنه فأ كله ثم قال للثور الاحمر لم يبق الا انا وانت واريد ان آكلك فقال ان كنت فاعلا ولا بد فدعني اصعد تلك المضبة واصيح ثلاثة اصوات
Página 14
============================================================
(15) فقال افعل ماتريد فصعد وصاح ثلاثة اصوات الا انما اكلت يوم اكل الثور الابيض (وحكى) ان عبد الملك بن بمروان حج وقدم المدينة فقال يا اهل المدينة قتل عثمان بين اظهركم فنخن لانحبكم وارسلنا لكم مسلم بن عقبة فقتلكم
فلما راى ان قد تأثل ماله * واثل موجودا وسد مفاقره اكب على فأس يحد غرابها مذكرة بين العوامل باتره فلما وقاها الله ضربة فاسه * وللشرعين لا تغمض ناظره فقال تعالى نجعل الله بيننا * على مالنا او تنجزي لي اخره فقالت يمين الله افعل انني * رآيتك سخريا يمينك فاجره ابى لي قبر لايزال مقابلي * وضربة فاس فوق راسي فاقره وهذه الحكاية مشهورة في الموضوعات على السن الحيوان وهى ان اخوين هبطا بغمهما واديا يرعيان فيه فخرجت حية من محت الصفا وفي فها دينار ال فالقته اليهما واقامت كذلك اياما فقال احدهما لابد لي من قتل هذه الحية واخذ هذا الكنز فنهاه اخوه فلم يقبل خرجت فضربها بفاس بيده فشجها وشدت عليه فقتلته فدفه اخوه مقابلها فلما خرجت قال هل لك ان نتعاهد على المودة الو عدم الاذية وتعطينى ذلك الدينار كل يوم فقالت لاقال ولم قالت لانك كلما نظرت الى قبر اخيك لا تصفو لي وكلما ذكرت الشجة التى في راسي لا اصفو لك واما امثال المحدثين فجكمها حكم امثال العرب الشعرية واما امثال المولدين فلانه يأتى يمنها ما يستظرف كقول الارجاني ال تأمل منه تحت الصدغ خالا لتعلم كم خبايا في الزوايا وكذلك النظر في الاحكام السلطانية فانه قد يؤمر بامر فيعرف بها كيف يخلص قلمه على حكم الشريعة المطهرة من ولاية القضاء والحسبة وغير ذلك فهذه أمور كلية لا بد للمترشح لهذه الصناعة من التصدي للاطلاع عليهاوالاكباب على مطالعتها والاستكثار منها لينفق من تلك المواد وليسلك في الوصول الى ال الاا
Página 15
============================================================
(16) لك السناعة بذلك الجواد والا فليعلم انه في واد والكتابة في واد واما الامور الخاصة التي تزيد معرفتها قدره ويزين العلم بها نظمه ونثره فانها من المكملات لهذا الفن وان لم يضطر اليها ذو الذهن الثاقب والطبع السليم والقريحة المطاوعة ل والفكرة المنقحة والبديهة المجيبة والروية المتصرفة لكن العالم بها متمكن من ازمة المعاني يقول عن علم ويتصرف عن معرفة وينتقد بحجة ويتخير بدليل ويستحسن ال برهان ويصوغ الكلام بترتيب (فمن ذلك) علم المعاني والبيان والبديع والكتب المؤلفة فى اعجاز الكتاب العزيز ككتب الرماني والحجرجاني والامام فخر الدين ال والسكاكي والخفاجي وغيرهم وانا اشير الآن الى نكت منها تدل على جلالة ق در هذا العلم وعظم الفايدة به وان الاديب والكاتب العاريين منه قاصران عن ادنى رتب الكمال يجيدان ولا يدريان كيف يجيبان فلو سئل عن علة معنى استحساته او لفظ استحلاه او تركيب استجاده لم يقدر على الاتيان بدليل على ذلك كما قال بعضهم يابا جعفر اتحكم فى الشعر * وما فيك آلة الحكام ال ان نقد الدينارالاعلى الصر * في صعب فكيف نقدالكلام قد رآيناك لست تفرق في الاشعار بين الارواح والاجسام ال و حكى الامام عبد القاهر الجرجاني قال ركب الكندي المتفلسف الى ابى العباس ال و قال له اني اجد في كلام العرب حشوا فقال له ابو العباس في اي موضع وجدت ال ذلك قال وجدت العرب تقول عبدالله قايم ثم يقولون ان عبدالله قايم ثم يقولون ال ان عبدالله لقائم فالالفاظ متكررة والمعنى واحد فقال ابو العباس بل المعاني مختلفة لاختلاف الالفاظ فقولهم عبدالله قام اخبار عن قيامه وقولهم ان عبد الله قلم جواب عن سؤال سائل وقولهم ان عبدالله لقايم جواب عن انكار منكر قيامه فما احار المتفلسف جوابا فاذا ذهب مثل هذا على الكندي فما الظن بغيره وان كان من محاسن الكلام ما لا يحكم في امتزاجه بالقلوب غير الذوق السليم كما قال الشاعر ال شىء به فتن الورى غير الذي * يدعى الجمال ولست ادري ماهو
Página 16
============================================================
(17)
(فاقول) ملخصا من ذلك ما يشير الى الغرض ان شاء الله تعالى وهو * البلاغة ان يبلغ المتكلم بعبارته كنه مراده مع ايجاز بلا اخلال واطالة فى غير املال والفصاحة خلوص الكلام من التعقيد وقيل البلاغة في المعاني والفصاحة في الالفاظ يقال معنى بليغ ولفظ فصيح والفصاحة خاصة تقع في المفرد يقال كلمة فصيحة ولا يقالكلمة بليغة وانت تريد المفرد فانه يقال للقصيدة كلمة كما قالواكلمة لبيد ففصاحة المفرد خلوصه من تنافر الحروف كقول اعرابى سئل عن ناقته تركتها ترعى المعخع وكقول امرئ القيس * ذوائبه مستشزرات الى العلى * ومن الغرابة وهى ان تكون الكلمة وحشية كما قال عيسى بن عمرو النحوي وقد سقط عن دابته مالكم تكاكاتم علي كتكأ كئكم على ذي جنة افرنقعوا عني اى اجتمعتم على تنحوا ومن مخالفة القياس كقول الراجز * الحمد لله المليك الاجلل* فان القياس الادغام واما فصاحة الكلام فهى خلوصه من ضعف التآليف وتنافر الكلمات والتعقيد فالضعف كما في قول الشاعر جزى ربه عني عدى بن حاتم * جزاء الكلاب العاويات وقد فعل فان رجوع الضمير الى المفعول يلزم منه رجوعه الى ماهو متآخر لفظا ورتبة والتنافر كقول القائل * وليس قرب قبر حرب قبر* والتعقيد كقول الفرزدق الوما مثله في الناس الامملكا * ابو امه حى ابوه يقاربه اراد ان يقول وما مثله في الناس حي يقاربه الا مملكا ابو امه ابوه (فصل) الحقيقة في اللغة فعيلة بمعنى مفعولة من حق الامر يحقه بمعنى أنبته ال ا من حققته اذا كنت منه على يقين والمجاز مفعل من جاز الشيء يجوزه اذا تعداه فاذا عدل باللفظ عما يوجبه اصل اللغة وصف بأنه مجاز على انهم قد جازوا ال به موضعه الاصلي او جاز هو مكانه الذي وضع فيه اولا لانه ليس بموضع اصلي لهذا اللفظ ولكنه مجازه ومتعداه يقع فيه كالواقف بمكان غيره ثم يتعداه الى مكانه الاصلي (وحدهما في المفرد) ان كل كلمة اريد بها ما وضعت له فهي حقيقة (2) ى
Página 17
============================================================
(18) كالاسد للحيوان المفترس واليد للجارحة ونحو ذلك وان اويد بها غيره لمناسبة ال نهما فهي مجاز كالاسد للشجاع واليد لانعمة او القوة فان النعمة تعطي باليد والقوة تظهر بكمالها في اليد (وحدهما في الجملة) ان كل جملة كان الحكم الذي دلت ال عليه كما هو في العقل فهي حقيقة كقولنا خلق الله الخلق وكل جملة اخرجت الحكم المفاد بها عن موضعه فى العقل لضرب من التأويل فهي مجاز كما اذا اضيف الفعل الى شيء يضاهى الفاعل كالمفعول به في قوله تعالى عيشة راضية وماء الد افق او المصدر كقولهم شعر شاعر او الزمان كقول النعمان بن بشير لمعاوية الاوليلك عما ناب قومك نام * او المكان كقولك طريق ساير او المسبب كقولهم ال بنفى الامير المدينة او السبب كقوله تعالى واذا تليت عليهم آياته زادتهم ايمانا (فجاز المفرد لغوي) ويسمى مجازا فى المثبت (ومجاز الجملة عقلي) ويسمى مجازا في الاثبات * اذا عرفت هذا فنقول المجاز قد يكون في الاثبات وهوان يضيف الفعل الى غير الفاعل الحقيقي كما ذكرنا وقد يكون في المثبت وحده كقوله تعالى قاحيينا به الارض بعد موتها جعل خضرة الارض ونضرتها حياة وقد يكون فيهما جميعا كقولك احيتني رؤيتك تريد سرتي فقد جعلت المسرة حياة الو اسندتها الى الرؤية وهومجاز في الاثبات والمجاز اعم من الاستعارة والتمثيل والكناية فهو جنس لها (واعلم) انهم تعرضوا في كون اللفظ مجازا الى اعتبار شيثين الاول ان يكون منقولا عن معنى وضع اللفظ بازايه وبهذا يتميز عن اللفظ المشترك الثانى ان يكون ذلك النقل لمناسبة بينهما ولا توصف الاعلام المنقولة ال بانها مجاز اذ ليس نقلها لتعلق نسبة بين المنقول وبين من له العلم واذا تحقق الشرطان سمى مجازا وذلك مثل تسمية النعمة والقوة باليد لما بين اليد وبينهما من التعلق وكما قالوا رعينا الغيث يريدون النبت الذي الغيث سببه واصابتنا السماء الاي ريدون المطر والمجاز قديكون بزيادة كقوله تعالى وكفى بالله شهيدا وينقصان كقوله تعالى واسآل القرية واثما يكون كل منهما مجازا اذا تغير بسببه حكم فاما اذالم يتغير كقولك زيد منطلق وعمرو بحذف الخبر فلا يكون مجازا اذ لم ال يتغير حكم ما بقي من الكلام القول في التشبيه } وهو الدلالة على اشتراك
Página 18
============================================================
(19 شييين في وصف هو من اوصاف الشيء الواحد في نفسه كالتجاعة في الاسد والنور فى االشمس وهو ركن من اركان البلاغة لاخراحجه الخفي الى الحجلي وادناته البعيد من القريب وهو حكم اضافي لا يوجد الا بين الشيئين بخلاف الاستعارة وليس الحكم انه اذا صحت الاستعارة حسن التصريح بالتشبيه فان المشابهة اذا قرنت بين الشيئين بالاستعارة قبح التصريح بالتشبيه فلا تقول كانك اوقعتنى في ظلمة اذا اوقعك في شبهة ولا فهمت المسالة فكاته انشرح صدري او كان نورا حصل في قلبي لتمكن هذه الاشياء حتى كا نها صارت حقيقة (ثم التشبيه على اوبعة اقسام) الاول تشبيه محسوس بمحسوس لاشترا كهما اما في المحسوسات الاولى وهى مدركات السمع والبصر والذوق والشم واللمس كتشبيه الخد بالورد والوجه بالنهار واطيط الرحل باصوات القراريج والفواكه الحلوة بالسكر والعسل ورائحة بعض الرياحين بالكافور والمسك واللين الناعم بالخز والخشن بالمسح او في المحسوسات التانية وهى الاشكال المستقيمة والمستديرة والمقادير والحركات كتشييه المستوي المنتصب بالرمح والقد اللطيف بالغصن والشيء المستدير بالكرة والحلقة وعظم الحجتة بالحجبل والذاهب على الاستقامة بنفوذ السهم او في الكيفيات الحجسمانية كالصلابة والرخاوة او في الكيفيات النفسانية كالغرائز والاخلاق او فى حالة اضافية كقولك هذه حجة كالشمس والحجامع ان كل واحد منهما مزيل للحجاب وكقولك الفاظه كالماء في السلاسة وكالنسيم في الرقة وكالعسل في الحلاوة والجامع سرعة وصوله الى اننفس واهتزازها به وربما كان التشبيه بوجه عقلي كقول فاطمة بنت الحوشب الانمارية حين وصفت بنيها هم كالحقة المفرغة لا يدري اين طرفاها فانه لا يفهم المقصود الا من له ذهن يترفع عن طبقة العامة بخلاف ما سبق ومن الفرق الظاهر يينهما ان جعل الفرع اصلا والاصل فرعا يجئ فيما تقدم مجيئا واسعا كقولهم في النجوم كا نها مصابيح وفى المصابيح كا نها تجوم وان حاولت ذلك فى التاني لم يكد ينقاد انقياد الاول ( التاني) تشبيه المعقول بالمعقول كتشبيه الوجود العاري عن الفوائد بالعدم وتشبيه الفوايد التي تبقى بعد عدم الشيء بالوجود كقول الشاعر
Página 19
============================================================
(20) رب حي كميت ليس فيه * امل يرنجي لنفع وضر الوعظام تحت التراب وفوق الارض منها آثار حمد وشكر (الثالث) تشبيه المعقول بالمحسوس كقوله تعالى والذين كفروا اعمالطم كسراب بقيعة وكقوله تعالى والذين كفروا اعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف (الرابع) تشبيه المحسوس بالمعقول وهو غير جاتز لان العلوم مستفادة من الحواس ومنتهية اليها ولذلك قيل من فقد حسا فقد علما فاذا كان المحسوس اصلا لمعقول فتشبيهه به يكون جعلا للفرع اصلا والاصل فرعا ولذلك لو حاول محاول المبالغة في وصف الشمس بالظهور والمسك بالثاء فقال الشمس كالحجة في الظهور ال و المسك كالثناء في الطيب كان سخيفا من القول فاما ما جاء فى الاشعار من تشبيه المحسوس بالمعقول فوجهه ان يقدر المعقول محسوسا ويجعل كالاصل المحسوس ل على طريق المبالغة فيصح التشبيه حينئذ وذلك كما قال الشاعر وكان النجوم بين دجاها * سنن لاح ينهن ابتداع فانه لما شاع وصف السنة بالبياض والاشراق على ما قال صلى الله عليه وسلم ايتكم بالحنيفية البيضاء ليلها كنهارها واشتهرت البدعة وكل ما ليس بحق بالظلمة تحيل الشاعر ان السنن كانها من الاجناس التى لها اشراق ونور وان البدع نوع ال من الانواع التى لها اختصاص بالسواد والظلمة فصار ذلك عنده كتشبيه محسوس بمحسوس فجاز له التشبيه وبالجمالة فهذا التشييه لايتم الا بتخيل ما ليس يمتلون ال متلونا ثم تخيل اصلا فيشبه به وهذا هو التأويل فى قول ابى طالب الرقي الاولقد ذكرتك والظلام كأنه * يوم النوى وفؤاد من لم يعشق ال فانه لماكانت الاوقات التى بحدث فيها المكاره توصف بالسواد يقال اسودت الدنيا فى عينه جعل يوم النوى كانه اشهر واعرف بالسواد من الظلام فعرفه به وشبهه ال ثم عطف عليه فؤاد من لا يعشق تظرفا لان الظريف يدعي القساوة على من ال لا يعشق والقلب القاسى يوصف بشدة السواد فصار هذا القلب اصلا عنده ل في السواد فقس عليه وهكذا الكلام في قول الشاعر كان انتضاء البدر من بحت غيمه * مجاة من البأساء بعد وقوع
Página 20