Huruf Latiniyya
الحروف اللاتينية لكتابة العربية
Géneros
هوى ناقتي خلفي وقدامي الهوى
وإني وإياها لمختلفان
ولئن كنت استوفيت معظم العمر، وأصبحت - كسنة الله - على وشك إجابة داعي الحق، فإنه ليحزنني أن أترك تلك الحسناء الأبية الحيية التي تواري جمالها في أقصى زاوية معتمة من خدرها، متلففة في أثخن الأبراد - ليحزنني مفارقتها يرثها أهلي وأهل العربية على ما بها من الضعف والانزواء. وأخشى ما أخشاه أن يمل من بعدنا طول مرضها وتحجبها واستعصائها، فيملكهم القنوط فيهملوها ويعتاضوا عنها لغة أجنبية من اللغات الحية التي يعمل ذووها على نشرها في الشرق جهد استطاعتهم، لأسباب لا تخفى على أي بصير. أخشى هذا، وأخشى أن تموت عربيتنا الحسناء، وألا يدركها هذا المجمع ولا عشرون مجمعا من مثله.
الرسم أهم أسباب مرض العربية
لئن كان قانون التطور وصعوبة الأوضاع والقواعد هما وحدهما اللذان رانا على جمال العربية فباعدا بينها وبين أهلها وطلابها، وأنهما وحدهما هما اللذان يعملان في هدم كيانها، فإنها - مع الأسف الشديد - تكون آيلة للزوال لا محالة، على الرغم مما فيها من قوة الحيوية الذاتية؛ إذ هذه الحيوية لن تستطيع مغالبة قانون التطور وصعوبة الأوضاع والقواعد إلا إلى حين.
لكن الواقع - لحسن الحظ - أن السبب الحقيقي الذي هو الفاعل الأول في مرض هذه اللغة الجميلة وانزوائها في كسر بيتها، إنما هو استبداد أهلها وإكراههم إياها على الظهور في ثوب غير مقيس عليها، وصورة مبهمة مشكلة لا تجلي من جمالها شيئا؛ أريد رسم كتابتها.
إن رسم الكتابة العربية هو الكارثة الحائقة بنا في لغتنا، إنه أكبر عون لقانون التطور، وللإحساس بما فيها من الصعوبات، وللالتفات عما يزينها من جمال.
إنه رسم لا يتيسر معه قراءتها قراءة مسترسلة مضبوطة حتى لخير المتعلمين؛ وذلك لخلوه من حروف الحركات.
لقد عالج أسلافنا الاستعاضة عن حروف الحركات بالشكلات، للفتح والضم والكسر والسكون والمد والشد والتنوين، ولكن ظهر في العمل أن هذه الوسيلة لا فائدة فيها، بل هي مجلبة لكثير من الأضرار؛ لأن الشكلة المنفصلة عن الحرف كثيرا ما تقع على حرف قبله أو بعده؛ لعدم ضبط يد الكاتب الأصلي أو الناسخ أو الطابع، فيرتبك الفهم للخطأ في استعمال وسيلة النطق الصحيح. ولذلك جرى الناس في الكتابة العادية، وفي الصحف وكتب الأدب، وكافة الأعمال بالدوائر الحكومية على إهمال الشكل، فأصبح لا يوجد في غير القرآن الكريم ومعاجم اللغة إلا نادرا.
وأنت عليم بأن عدم وجود علامات الحركات ولا حروف الحركات يجعل الكلمة مركبة من حروف أصوات جوهرية، لا تعرف حركاتها بادئ الرأي فيصحفها القارئ غير المتمرن، على جميع أوضاع الحركات التي تحتملها الحروف. أما المتمرن فإنه يعرض نفسه لحلول عينيه؛ إذ هو لا يقع بصره على الكلمة إلا وهو يجيله فيما بعدها من الكلمات حتى يعرف معنى تلك الكلمة، أهي اسم أو حرف أو فعل، وما وظيفتها في الجملة، وماذا تستحقه من البناء أو حركات الإعراب.
Página desconocida