Huruf Latiniyya
الحروف اللاتينية لكتابة العربية
Géneros
لمن يستعملونها ما لألفاظ لغاتهم من الأصوات؛ أي من النغمات واتجاهاتها. وقولك هذا في جملته حق لا ريب فيه ولا جدال. ولا حاجة في تعرف صوابه لشيء من العلم ولا دلائله؛ إذ كل ملم بمبادئ لغتين أو أكثر من اللغات الأوروبية يدركه تمام الإدراك. (2) والعلة في عدم وفاء حروفهم بذلك الغرض الهام أنها - كما لا يغيب عن سيدي - بحسب أصلها القديم كانت متخذة لرسم لغة واحدة بعينها، لكنها صارت بالزمان متخذة لرسم لغات متعددة، حتى من اللغات البعيدة الأصل عن اللاتينية أو اليونانية.
9
فهذه اللغات إذا اشتركت في النغمات السهلة المخرج كنغمة الألف الممدودة والباء والتاء والدال والراء والزاي الخفيفة والسين والشين المفشوشة والفاء والكاف والميم والنون والهاء والواو والياء والهمزة العارضة عند الابتداء بمتحرك، فإن كلا منها - فيما عدا مثل هذا السهل المشترك - لها نغمات خاصة بها، كنغمتي الذال والثاء في الإنجليزية، والخاء في الألمانية، والشين المكزوزة التي ينطق بها كمزيج من تاء وشين في الإنجليزية والطليانية، وكنغمة «نيه
gn » في الفرنسية. وهذه النغمات الخاصة وأمثالها تؤدى بمركبات اصطلاحية يختلف النطق بها بين لغة وأخرى، ولا يستطيع أداءها إلا ابن اللغة أو متعلمها. بل إن نغمة الشين المفشوشة السهلة تؤدى هي أيضا في الفرنسية والطليانية والألمانية بمركبات اصطلاحية مختلفة. ونغمة الواو تؤدى في الإنجليزية بحرف وفي الفرنسية بمركب. والحرف الواحد بعينه قد تختلف نغمته من لغة لأخرى؛ كحرف
j
الذي يؤدي في الفرنسية نغمة جيم غير معطشة، وفي الألمانية والطليانية نغمة ياء. وبعض الحروف لا ينطق به أو قد ينطق به على خلاف أصل القياس؛ فحرفا
gh
في الإنجليزية مثلا قد يهملان في النطق، وقد يؤديان نغمة الفاء.
هذا القصور في تأدية النغمات بحروف مفردة، وهذا التخالف فيها، واضح في رسم تلك اللغات. ثم هو واضح وضوحا تاما في أحرف الحركات التي توجه النغمات التوجيه الذي تقتضيه ألفاظ كل لغة. فهناك الضم والفتح والكسر، مع المد في كل، ثم الإمالات بدرجات مختلفة، مع تخالف الحروف بعينها في الحركة الواحدة بين بعض اللغات وبعض، بل في اللغة الواحدة بعينها.
تلك حقائق لا شك فيها، ولكني أدركها أنا وأنت وغيرنا بلا حاجة لدلائل العلم التي تقحمها هنا. ثم هي راجعة، لا إلى الأشكال والصور من حيث حسن تخطيطها ووضوحه أو قبحه وخفاؤه، بل إلى صميم الدلالة على نغمات اللغات وجوهر جرسها، واتجاهاته المختلفة. (3) ولعل هذه الحقائق هي التي تقلق بال الاختصاصيين الأوروبيين، بل قد لا أرتاب في أنها - دون الصور والأشكال - هي الدافع الأول لمن ينعون منهم رسم كتابتهم ويطلبون تحسينه. أما الصور فهي دافع ثانوي قليل الأهمية؛ لأنها ليست في الصميم. وأهم ما فيها تلك المركبات الحرفية التي يدرك النظر المجرد الإسراف فيها، بلا حاجة للعلم ولا لدلائله.
Página desconocida