Huruf Latiniyya
الحروف اللاتينية لكتابة العربية
Géneros
وما كنت تتلو من قبله من كتاب
.
تلك شردة من المعترض الذي يلوح لي أنه ككثير من الشباب يشتهي تجريح من هو أكبر منه سنا، حاسبا أن ذاتيته تعلو بهذا التجريح. وقد وجد الباب للتجريح مفتوحا على مصراعيه فولج، وليس له ولشردته عندي إلا تلقيهما بتلك الكبرياء وذلك الترفع والعجب اللذين إليهما أشار. لكني أطمئنه أنها ليست كبرياء حقد، بل كبرياء رثاء، فزمن جواز الاضطغان ولى ولم يبق في الأجل غير ذماء، خير ما ينفق فيه التبسم لما في الناس من شذات وشردات وشطات.
ترك المعترض هذه الناحية وتكلم في الموضوع ولكن: (1)
ليس صحيحا
عبارة حضرته، بل الصحيح أن تلك الحروف خمسة عشر لم أستبق منها إلا خمسة فقط لا نظير لنغماتها في الحروف اللاتينية، وهي «ج، خ، ض، ظ، غ»، والإفرنج يؤدون نغماتها بتراكيب كل منها مكون من حرفين (
dj, ch, dh, dz, gh ) فكنت مترددا بين أمرين: اتخاذ تلك التراكيب مع ما فيها من ضرر مضاعفة الحروف وضرر عدم أداء النغمات العربية بالدقة، أو استبقاء تلك الحروف العربية التي تؤدى نغماتها بكل دقة ولا ضرر فيها سوى كونها منقوطة كل بنقطة واحدة فقط لا بثلاث ولا باثنتين. رجحت فوجدت استبقاء الحروف العربية حرصا على الاختصار ودقة أداء النغمات. (2)
يقول حضرة المعترض ما حاصله: أننا لو عمدنا إلى مادة عربية كفعل ثلاثي مجرد وأردنا تصريفه هو ومزيداته في صور التصريف المختلفة من ماض ومضارع وأمر، واستخرجنا مشتقاته المتعددة وألحقنا به وبمشتقاته في الصور المختلفة ما يضاف إلى الزوائد والضمائر بحسب ضروب الاستعمالات، أو لو عمدنا إلى اسم من الأسماء وقلبناه في أحواله المتعددة من إفراد وتثنية وجمع وإضافة لبعض الضمائر، وأعطيناه في صوره المختلفة ما يستحقه من حركات الإعراب أو ما ينوب منابها، يقول إذا عمدنا إلى ذلك، ثم رسمنا الكلمات بالحروف اللاتينية لتنكرت مادة الفعل ومادة الاسم، ولما عرف لأيتهما أصل. وإنه هو جرب هذا فعلا فاستغلقت عليه أصول الكلمات، بخلاف رسمها العربي؛ فإنه يكشف دائما عن هذا الأصل فلا يضل عن معرفته أحد، ويقول إن هذا ضرر جسيم لا توازنه تلك المنفعة الضئيلة التي قد تستفاد من صحة الأداء بسبب حروف الحركات، وإن الشكل عندنا حاضر لم يفلس، كما هو مزعوم، وإنه يؤدي لنا ما تؤديه حروف الحركات.
كنت أنتظر أن يقول حضرة المعترض إن الحروف اللاتينية، وفيها حروف الحركات، تزيد في رسم الكلمة فتضاعفه، فأقول له هذا حق صحيح، ولكن أحق منه وأصح أن «الشكل» الذي أفلس فعلا بإجماع العارفين المؤيد رأيهم بالواقع المحسوس؛ هذا «الشكل» يضاعف أيضا عملية الرسم العربي ويشوشها، ويوقع فيها الارتباك. كنت أنتظر هذا فأجيبه بما أقول الآن. ولكن الذي ما كنت أنتظره ولا أستطيع أن أفهمه مطلقا ما يدعيه من أن الحروف اللاتينية تعمي أصل الكلمة وتجعله مستغلقا. إن الأمر على عكس ما يقول؛ فإن الكلمة لن يكون فيها شيء زائد على أصل مادتها وما تتصرف إليه أو يلحق بها سوى حروف الحركات الثلاثة، وهي ظاهرة متميزة برسمها الخاص، لا تشتبه بحروف أصل المادة ولا بحروف صيغها التي تتقلب فيها؛ لأنها عبارة عن «الشكل» مدرجا بطريقة منتظمة مأمونة في تجاويف هيكل الكلمات، فمتى أسقطتها من الحساب
6
Página desconocida