قالت سارة: «ماذا؟ نعم بإمكانه الاختلاف مع الآخرين، لكنه يتحلى بالحرص في بعض الأحيان. وبالنسبة لآيرين، فهو حريص معها؛ إنها تمثل قيمة كبيرة بالنسبة لنا.» «هل دار بخلده أنه يمكن أن تترك آيرين العمل بسبب وجود لوحة غريبة لدينا.» «كنت لأتركها في مكانها يا عزيزتي. إنني أقدر أي شيء تحضرينه لنا. لكن أباك ...»
لم تتفوه جولييت بشيء؛ فمنذ أن كانت في التاسعة أو العاشرة من عمرها حتى الرابعة عشرة، أصبح لديها هي وسارة تفهما مشتركا بشأن سام، يتلخص في «أنت تعرفين أباك.»
كان هذا هو الوقت الذي تعاملتا فيه معا كامرأتين ناضجتين؛ فكانت سارة تضع مواد تمويج الشعر على شعر جولييت الناعم العنيد، أما جلسات الحياكة فكانت تنتج عنها ملابس لا يرتدي مثيلها أحد. وعن العشاء في الأمسيات التي كان سيمكث فيها سام لوقت متأخر بالخارج لحضوره أحد الاجتماعات بالمدرسة، فكان عبارة عن شطائر زبدة الفول السوداني مع الطماطم والمايونيز، وقصص ترويها سارة لجولييت، وتعيد روايتها عن أصدقائها وصديقاتها القدامى، والنكات التي كانوا يلقونها، والأوقات الممتعة التي أمضوها في الأيام التي عملت فيها سارة كمدرسة أيضا قبل أن تعاني من مشاكل في القلب، بل وقصص تحكيها عن أوقات سبقت ذلك؛ تلك الأوقات التي كانت تستلقي في فراشها وهي تعاني من الحمى الروماتيزمية، وتتخيل وجود صديقين متخيلين هما رولو وماكسين اللذان كان باستطاعتهما حل كل الألغاز، بل وجرائم القتل، مثلهما مثل بعض الشخصيات في كتب الأطفال. لمحات سريعة عن مغازلات سام وحبه المتهور، والكوارث التي أحدثها بالسيارة المستعارة، والوقت الذي كان يظهر فيه أمام منزلها وهو متنكر في زي أحد المتشردين.
كانت سارة وجولييت تصنعان الحلوى معا، والشرائط المزينة لزخرفة أثوابهما الداخلية. لقد ارتبطت كل منهما بالأخرى ارتباطا شديدا. وفجأة، لم تعد جولييت كسابق عهدها؛ فقد أرادت بدلا من ذلك أن تتجاذب الحديث مع سام في وقت متأخر من الليل في المطبخ؛ لتسأله عن الثقوب السوداء في الفضاء، والعصر الجليدي، والرب. لقد كانت تبغض أسلوب سارة في التقليل من أهمية حديثهما بتساؤلاتها الساذجة التي تتسع لها عيناها، وهو الأسلوب الذي حاولت من خلاله إدارة دفة الحديث نحوها؛ ولهذا كانت الحوارات تتم في وقت متأخر من الليل، وكان لا بد من وجود نوع من التفاهم لم يتحدث عنه كلاهما أمام سارة. «انتظري حتى نتخلص من سارة.» وكان هذا لبعض الوقت بالطبع.
لكن كانت هناك تذكرة لها بأحد الأمور أثناء ذلك: «عليك أن تكوني أكثر لطفا مع سارة؛ إنها خاطرت بحياتها لتحظى بك، هذا أولى أن تضعيه نصب عينيك.»
قالت سارة وهي تأخذ نفسا عميقا: «أبوك لا يعبأ بالخلاف مع من هم يفوقونه في المستوى، لكنك تعرفين كيف يكون تعامله مع من هم أدنى منه، فإنه يفعل أي شيء ليتأكد من أنهم لا ينتابهم الشعور بأنه يفوقهم بأي صورة، فهو يحاول أن يقترب من مستواهم ...»
كانت جولييت تدرك ذلك جيدا بالطبع؛ فهي تعرف كيف كان يتحدث إلى الصبي الذي يقف في محطة ضخ الوقود، وأسلوب مزاحه في متجر الأدوات المنزلية، لكنها لم تقل شيئا.
قالت سارة وقد تغيرت لهجتها فجأة، وأطلقت ضحكة مكتومة تنطوي على بعض من خبث: «كان عليه في بعض الأحيان أن ينافقهم لاقتناص قلوبهم.» •••
نظفت جولييت عربة الأطفال ، ثم اغتسلت هي وبينيلوبي أيضا، ثم شرعت في التجول حول المدينة، وكانت حجتها أنها تحتاج ماركة بعينها من الصابون المطهر الذي تغسل به حفاضات ابنتها؛ لأنها إن استعملت الصابون العادي فربما تصاب الطفلة بطفح جلدي.
لكن في حقيقة الأمر كانت لديها أسباب أخرى؛ أسباب مخجلة، لكنها لا تقاوم.
Página desconocida