ولحسن الحظ لم يكن لديه هو وآن أطفال. نعم، لحسن الحظ. «ما إن تخبري الناس بذلك حتى تجديهم يشعرون بضرورة المواساة بأقوال من قبيل: يا لبشاعة الأمر! أو إنها لمأساة! وغيرها من العبارات.»
قالت جولييت: «هل تلومهم على ذلك؟» وقد كانت هي نفسها على وشك أن تتفوه بما هو مشابه لتلك العبارات.
أجاب بالرفض، ولكن الأمر برمته أكثر تعقيدا من مجرد تلك الكلمات. هل شعرت آن بأنها مأساة؟ ربما لا. هل شعر هو بذلك؟ إنه شيء يعتاد المرء عليه، لقد كان كنوع جديد من الحياة. هذا كل ما في الأمر. •••
كانت كل تجارب جولييت الممتعة عن الرجال نابعة من الخيال؛ بطل سينمائي أو اثنان، ذوا صوت رخيم - وليس البطل الذكوري القوي البنيان المتحجر القلب - كما كانت تسمعه في التسجيلات القديمة لأوبرا دون جيوفاني. وهناك أيضا «هنري الخامس» كما قرأت عنه في مسرحية شكسبير، وكما أدى دوره لورانس أوليفييه في الفيلم السينمائي.
كان هذا باعثا على السخرية والشفقة، ولكن من عساه أن يعرف؟ أما في الحياة الواقعية، فلم يكن هناك سوى الخزي وخيبة الأمل، وهما ما حاولت بقدر المستطاع أن تطردهما من ذهنها بأسرع ما يمكن.
في المدرسة، عايشت تجربة أن تكون على رأس قائمة الفتيات غير المرغوب فيهن في حفلات الرقص بالمدرسة، ولكن في الكلية كانت تشعر بالملل. بيد أنها كانت تحاول باستماتة أن تكون مفعمة بالمرح والحيوية عندما تواعد بعض الفتيان الذين لم يروقوا لها كثيرا، ولم ترق لهم هي الأخرى. واعدت ابن أخت المشرف على رسالتها أثناء زيارته في العام الماضي، وقد حدثت بينهما معاشرة كاملة على الأرض ليلا في متنزه ويليس بارك، ولا تستطيع أن تطلق على ما حدث أنه اغتصاب؛ لأنها هي أيضا كانت عازمة على أن يحدث هذا.
وفي طريق عودتهما للمنزل أخذ يوضح لها بأنها ليست من نوع النساء الذي يفضله. وقد شعرت بمهانة شديدة منعتها من أن ترد بحزم - أو حتى من أن تدرك حينها - بأنه هو الآخر ليس من النوع الذي يروق لها.
ولم يكن لها أي تصورات عن رجال بعينهم في الواقع، وبخاصة مدرسيها؛ فقد كان الرجال المتقدمون في العمر بالنسبة لها - في الواقع - كشيء كريه.
أما هذا الرجل، فيا ترى كم يبلغ عمره؟ إنه متزوج منذ ثماني سنوات على الأقل، أو ربما أكثر من هذا بسنتين أو ثلاث؛ لذا فمن المحتمل أن يكون في الخامسة أو السادسة والثلاثين من العمر. كان شعره أسود داكنا ومجعدا، وبه بعض الخصلات الرمادية على الجانبين، كان ذا جبهة عريضة بها بعض التجاعيد، عريض الكتفين، به بعض الانحناء البسيط، يكاد يقاربها في الطول، كانت عيناه واسعتين، داكنتين، تلمعان بالحماس وتعكسان بعض الحرص والحذر في الوقت نفسه، ذا ذقن مستدير، مزين بطابع حسن يشي بطبع عنيف.
أخبرته عن وظيفتها، واسم المدرسة؛ وهي تورانس هاوس. أخبرته أنها ليست مدرسة بالأساس، لكنهم كانوا على استعداد لقبول أي شخص تخصص في اللغة اليونانية واللاتينية بالكلية، ونادرا ما يتخصص أحد في ذلك الفرع. «ولم تخصصت أنت فيه؟» «لكي أكون متميزة في اعتقادي.»
Página desconocida