129

ثم تغيرت نبرة صوته ثانية لتصبح عملية. «أبحث عن طريق فرعي هنا، ناحية اليمين. هناك طريق علي التعرف عليه. هل تعرفين هذه البلدة على الإطلاق؟» «لا، ليس هذا المكان.» «ألا تعرفين فلاور ستيشن؟ أومباه، بولاند؟ سنو رود؟»

لم يسبق لها أن سمعت بهذه الأماكن. «هناك شخص أود رؤيته.»

انعطف لليمين وهو يتمتم في تشكك. لم تكن هناك أي لافتات. هذا الطريق كان أضيق وأكثر وعورة، ويضم جسرا من حارة واحدة ذا أرضية من الألواح الخشبية، وظللتهما أغصان أشجار الغابة ذات الخشب الصلب التي تشابكت فوقهما. وقد تأخر اصفرار الأوراق في هذا العام بسبب المناخ الدافئ الغريب؛ لذا احتفظت هذه الفروع بلونها الأخضر، فيما عدا الشاذة منها، والتي برزت كالرايات. عم المكان شعور بالقدسية. ظل نيل وجريس صامتين لعدة أميال، وكانت الأفرع لا تزال تغطيهما وتبدو الغابة بلا نهاية، ولكن نيل قطع هذه السكينة.

قال: «هل تستطيعين القيادة؟» وعندما أجابت جريس بالنفي، قال: «أعتقد أنه لا بد لك أن تتعلمي القيادة.»

وكان يعني الآن. أوقف السيارة وخرج منها واستدار إلى الجانب الذي كانت تجلس فيه، وكان عليها الجلوس وراء المقود. «ليس هناك مكان للتعلم أفضل من هذا.» «ماذا لو اعترض طريقي شيء ما؟» «لن يعترض طريقك شيء، وسوف نتولى الأمر إن حدث هذا. وهذا هو السبب الذي جعلني أختار طريقا مستقيما. ولا تخافي، سوف تفعلين كل شيء بقدمك اليمنى.»

كانا في بداية نفق طويل تظلله الأشجار، بينما فرشت أشعة الشمس خيوطها على الأرض. لم يعبأ بشرح أي شيء حول كيفية قيادة السيارات، بل أراها ببساطة أين تضع قدمها، وجعلها تتمرس على تغيير السرعات، ثم قال: «الآن انطلقي وافعلي ما أمليه عليك.»

أفزعتها القفزة الأولى للسيارة. أمسكت بناقل الحركة وظنت أنه سينهي الدرس على الفور، ولكنه ضحك. قال «تمهلي، تمهلي، استمري في القيادة.» وكان هذا هو ما فعلته. لم يعلق على توجيهها للسيارة أو كيف أنساها توجيه المقود الضغط على دواسة البنزين، فكل ما قاله: «استمري في القيادة للأمام، هيا، ابقي على الطريق، لا تدعي المحرك ينطفئ.»

قالت: «متى أستطيع التوقف؟» «ليس قبل أن أخبرك.»

جعلها تواصل القيادة حتى خرجا من النفق، ثم أرشدها عن كيفية استخدام المكبح، وبمجرد أن توقفت فتحت الباب حتى يمكنهما تبادل الأماكن، ولكنه قال: «لا، إن تلك هي مجرد استراحة قصيرة. سرعان ما سيروق لك الأمر.» وعندما بدأت القيادة مجددا وجدت أنه ربما يكون محقا، وكادت هذه الدفقة اللحظية من الثقة بالنفس أن تسقطهما في قناة؛ ومع ذلك، فقد ضحك عندما اضطر أن يمسك بعجلة القيادة واستمر الدرس.

لم يدعها تتوقف حتى قطعا ما يقرب من عدة أميال، بل وانعطفا - ببطء - مرات عديدة، ثم قال لها إنه من الأفضل أن يتبادلا الأماكن؛ لأنه لا يملك الحس بالاتجاهات إلا عندما يقود.

Página desconocida