كانت فلورا في أول الأمر أشبه بحيوان كلارك المدلل، تتعقبه في كل مكان، وتحدث جلبة من أجل أن تلفت انتباهه، فكانت سريعة ورشيقة، ومحبة للعب كهريرة، وأشبه بفتاة ساذجة واقعة في الحب، وهو ما كان يدفعهما إلى الضحك. ولكن عندما تقدمت في العمر، أضحت أكثر ارتباطا بكارلا، ومن خلال ذلك الارتباط أصبحت فجأة أكثر استكانة، وأقل نشاطا ولعبا، وبدت قادرة على إظهار بعض من الدعابة والسخرية غير الصاخبة. كان أسلوب كارلا في معاملة الخيول ينطوي على الرفق والحزم، وأقرب إلى الأمومة، ولكن كانت رفقة فلورا مختلفة تماما، فلم تكن تسمح لكارلا بأي شعور بالسيادة عليها.
قالت وهي تخلع الحذاء الخاص بالإسطبل: «أما من أخبار بشأن فلورا؟» فقد كان كلارك قد نشر إعلانا على شبكة الإنترنت يحمل عنوان «نعجة مفقودة».
أجابها بلهجة تنم عن انشغاله، ولكنها تحمل بعض الود في ذات الوقت: «ليس بعد.» وكان في رأيه - وليست هي المرة الأولى التي يعبر فيها عن ذلك - أن فلورا قد ذهبت لتبحث لنفسها عن شريك للتزاوج.
ليس ثمة خبر عن السيدة جاميسون. أوقدت كارلا الغلاية، وكان كلارك يتمتم ببعض الكلمات لنفسه كما كان يفعل عادة وهو يجلس أمام شاشة الكمبيوتر.
كان يتحدث إلى الجهاز في بعض الأحيان، وقد يتفوه بكلمة «هراء» عندما يواجه صعوبة أو تحديا ما، أو قد ينفجر ضاحكا على مزحة، ولكنه لا يتذكرها عندما تسأله عنها فيما بعد.
نادته كارلا قائلة: «هل تريد قدحا من الشاي؟» ولدهشتها الشديدة وجدته قد نهض من مكانه واتجه صوب المطبخ.
قال: «إذن كارلا ...» «ماذا؟» «إذن، فقد اتصلت.» «من؟» «جلالة الملكة؛ الملكة سيلفيا، لقد عادت لتوها.» «لم أسمع صوت سيارتها.» «لم أسألك إن كنت قد سمعت.» «إذن ما الشيء الذي اتصلت من أجله؟» «لقد كانت تريدك أن تذهبي وتساعديها في ترتيب المنزل. هذا هو ما قالته. غدا.» «وبماذا أجبتها؟» «لقد قلت لها: بكل تأكيد، ولكن من الأفضل أن تحادثيها بنفسك وتؤكدي على ذلك.»
قالت كارلا وهي تصب الشاي في الأقداح: «ولم أفعل طالما أنك أخبرتها بذلك؟ لقد قمت بتنظيف المنزل بالفعل قبل أن تغادره، ولا أدري ما الذي يمكن أن أفعله ثانية بهذه السرعة.» «لا تدرين، ربما تكون قد تسللت إلى المنزل بعض حيوانات الراكون وأحدثت بعض الفوضى.»
ردت قائلة: «لست مضطرة لمحادثتها في التو واللحظة، فأنا أريد أن أحتسي الشاي، ثم آخذ حماما.» «لو عجلت بالأمر لكان أفضل.»
أخذت كارلا قدح الشاي معها إلى الحمام وهي ترد عليه قائلة: «علينا أن نذهب إلى المغسلة؛ فالمناشف عطنة الرائحة بالرغم من أنها قد جفت.»
Página desconocida