Guerras del Estado del Profeta (Parte Uno)
حروب دولة الرسول (الجزء الأول)
Géneros
20
ولمزيد من الاطمئنان، خرج معهم «سراقة» ضيفا على حفلهم، مع وعد بمجيء كنانة جميعا إلى الحفل ضيوفا وحلفاء، لكن ما حدث عند وقوع الوقعة، هو هرب «سراقة» من بين قريش عائدا إلى دياره، وهو ما لم يجد له أبو الحكم تفسيرا مقنعا، سوى أنها كانت الحيلة والخديعة من بني بكر، لاستدراج قريش إلى بدر، في ضوء الخلاف الثأري مع ذلك البيت الكناني، وهو ما عبر عنه لسانه وهو يقول:
يا معشر الناس؛ لا يهولنكم خذلان سراقة بن مالك؛ فإنه كان على ميعاد مع محمد.
21
ومثل تلك الأحداث التي أوردتها كتب التراث على سرعة وعجالة، تفصح عن عدد قريش بعد انخزال بني زهرة عنها بثلث الناس، وعن ذلك الاحتفال المهيب، الذي كان يحمل داخل مهابته ضعفا وخوفا، ثم عدم تجانس الفريق المكي، والذي سببه إصرار أبي الحكم على اصطحاب الهاشميين، ليتشفى فيهم لفشل ولدهم في الاستيلاء على قافلة أبي سفيان، وربما لو علم بما غيبته له الأيام المقبلة، لتركهم بمكة غير آسف. هذا إضافة للتثاقل الواضح الذي ألم بالركب بأكمله، والذي كان لا يجد في ذلك الخروج إلا عبئا في برد يناير وقارس شتائه، وهو ما يشير إليه عزم كبار الملأ على القعود، ثم الخوف القرشي من بيت كناني واحد، لولا إجارة سراقة، أو إبليس، مما يرسم صورة واضحة للحال المتشرذم المتردد، غير المتجانس أو المؤتلف، للركب المكي.
ويبدو أن ثمة أخبارا غير قاطعة، قد وصلت الركب المكي، عن تحرك المسلمين نحو بدر، مما حول أملهم في سمر طروب، إلى فزع بدد فرحهم، وكانت العودة مستحيلة، بل وكارثة لتلك الهيبة المزعومة. وعندما مر الركب على مضارب «غفار» أرسل لهم زعيم غفار ولده بجزائر أهداها لهم طعاما، مع رسالة تقول: «إن أحببتم أن نمدكم بسلاح ورجال فعلنا.» فأرسلوا إليه مع ابنه:
إن وصلتك رحم، قد قضيت الذي عليك، فلعمري لئن كنا نقاتل الناس، فما بنا من ضعف عنهم، ولئن كنا نقاتل الله كما يزعم محمد، فما لأحد بالله من طاقة.
22
هذا بينما كان «جهيم بن الصلت» سليل عبد المطلب الهاشمي، يروي لهم وهم ينيخون بالجحفة رؤيا جديدة، فيقول: «إني رأيت فيما يرى النائم ... إذ نظرت إلى رجل أقبل على فرس، حتى وقف مع بعير له، ثم قال: قتل عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو الحكم بن هشام، وأمية بن خلف، وفلان، وفلان.» فما كان من «أبي الحكم» إلا أن قام يخفف عن الناس الأثر النفسي للرواية، في وسط عربي ثقافي عادة ما كان يصدق الرؤيا، بقوله الساخر المتحدي:
وهذا نبي آخر من بني عبد المطلب سيعلم غدا من المقتول إن نحن التقينا.
Página desconocida