Guerras del Estado del Profeta (Parte Uno)
حروب دولة الرسول (الجزء الأول)
Géneros
20
وإشارة «مطرود بن كعب» هنا، لعلاقة هاشم برحلتي الشتاء والصيف، إضافة لما سبق وأشرنا إليه في أخذه الإيلاف لقريش من الملوك وزعماء القبائل، تلقي ضوءا على علاقة البيت الهاشمي الوطيدة، القديمة، بالنظام التجاري الملكي، باعتباره أحد المؤسسين لنظام الإيلاف، ودوره في التجارة العالمية، التي - لا شك - جعلت بيت هاشم أياما، بيتا ثريا ينافس البيت الأموي. وإن أفقره ذلك الأمر غير الواضح بكتبنا التراثية، والذي أرجعناه افتراضا إلى السقوط في حلبة المنافسة، وإلى عنصر آخر غير تام الإقناع، وإن كان ذا دور هام، وهو الكرم والعطاء، لإقامة تحالفات مطلوبة في الصراع، وكسبا للرجال في حومة مقبلة. وإن كان ذلك العنصر في منطق الجزيرة وطبعها المجدب الشظف، وخاصة في تلك المرحلة الطبقية، ربما كان منطقا مقنعا للعرب أنفسهم بحق التشريف السيادي لهاشم، فكان للكرم لديهم مغزاه السياسي والاجتماعي، وكان مما يدعم الكريم بالتسييد وما يستتبعه التسييد من سلطة، وهو ما يدل عليه قول «حاتم الطائي» أكرم العرب وأشهرهم في هذا الضرب السيادي:
يقولون لي: أهلكت مالك فاقتصد
وما كنت - لولا ما يقولون - سيدا
21
ثم يخبرنا التاريخ أن «هاشما» قد دفع بالصراع دفعة كبرى، عندما دعم حلفه ضد «أمية» بزواج شرفي تعاقدي، مع أهل الحرب والدم والحلقة من بني النجار، خزرج يثرب، وأن أخاه «المطلب» سار على نفس المنحى التكتيكي، وأن «عبد المطلب بن هاشم» قام بدعم آخر لحلف «هاشم/يثرب-الخزرج» بزواج آخر، واستمر في البذل حتى لقبته العرب بالفياض لكثرة جوده،
22
في الوقت الذي حافظ فيه ولده العباس على ماله، فكان كثير المال، وهو ما يشير إلى ممكنات الثراء في البيت الهاشمي، لولا بذل هاشم وعبد المطلب وآله، وبخل شديد وحرص في العباس، حدثتنا عنه كتب السيرة في أكثر من مناسبة.
المستوى الفكري
ومع مزيد من التراكم على خط التطور ، كان لا بد أن يتزايد التناقض بين الشكل والمحتوى، حتى يبلغ مداه التفجيري للإطار أو الشكل، لصالح المحتوى الجديد، بعد تراكم الجديد داخل إطار ضاق به ولم يعد يسعه. وقد ساعد على زيادة ذلك التناقض بين الشكل والمحتوى، بقاء الشكل أو الإطار محكوما بعلاقات استهلكها التطور السريع، فتفسخت القيم القبلية، رغم الإصرار الظاهر على استدامتها. هذا بالطبع مع الإفراز الفكري للمرحلة التي اصطبغت بالشكل المادي النفعي، فاستبطن المحتوى الجديد، داخل فكر قديم، لكن فقط للمسامرات الفكرية، والندوات الديوانية، والممارسات الطقسية، والتبريرات النفعية، دون إيمان حقيقي. فعلى المستوى الواقعي، أمسى ظاهرا رفض العربي وخاصة المكي، لكثير من أشكال المعجزات الميتافيزيقية القديمة، خاصة إذا ما كان ذلك المكي من الطبقة الثرية الأرستقراطية، المترفة والمتحققة، حتى أصبحت تلك الميتافيزيقا القديمة في مأثوره الجديد - على لسان الصفوة التي أتاحت لها الثروة التزود بالثقافة الحضارية في مدارس الإمبراطوريات وجامعاتها - مجرد أساطير الأولين، وما كان يتم استدعاؤها عن قناعة، بل من باب التخديم على المصالح المادية. ولم يعد الفكر الديني ومفاهيمه، سوى أسلوب لتنسيق المكاسب، ومطية لمنافع مادية بحتة.
Página desconocida