La Libertad Humana y la Ciencia: Un Problema Filosófico
الحرية الإنسانية والعلم: مشكلة فلسفية
Géneros
الذي كان تلميذا له ثم طرده، فترك مدرسته حانقا عليه، وأيضا الرواقيون؛ فلأنهم خصومه الفلسفيون فقد عملوا على تأكيد أن فلسفة أبيقور ضعيفة فلسفيا ولاأخلاقية، فشاعت صورة خاطئة مفادها أن الأبيقورية فلسفة سطحية ومريضة لأنها تدعو إلى الإقبال على اللذة، والحق أنها ليست هكذا.
كل ما في الأمر أن أبيقور رفض قول أنتستيز الكلبي: «إني أوثر أن أبتلى بالجنون على أن أشعر باللذة.»
3
ورفض دعوة الكلبية بوأد الذات وتعذيب النفس بالحرمان والتقشف؛ لذلك تلحق الأبيقورية عادة بمربع الذين يناهضون الكلبية، أي قورنائية أريستبوس، والحق أن المدرسة القورنائية هي التي لها فعلا هذا الشأن، شأن الفلسفة السطحية المريضة التي تدعو للرثاء؛ لأن مفهوم الحياة عندهم تقلص في اللذة الحسية الوقتية، ووظيفة الفلسفة تركزت في الدعوى إلى الإقبال الشبقي عليها.
أما الأبيقورية فبعيدة عن هذا، إنها فلسفة مستنيرة متبصرة، لم تر التمتع بطيب الحياة مستحقا في حد ذاته للعداء، بل فقط للتنظيم والمفاضلة، صحيح أن أبيقور قد أقر باللذة الحسية؛ لأن الإنسان كالحيوان من حيث إنه بفطرته يتجنب الألم ويطلب اللذة، وإن استخدم عقله في هذا، وإنه اعتبر كل لذة خيرا ما لم تقترن بألم، إلا أن أبيقور قد توخى اللذة التي تدوم، أي دعا إلى الحياة السعيدة، فرأى أن يحرص الإنسان على ألا تستعبده رغبة شخصية أو لذة فردية وأوجب أن يسيطر على شهواته ويتحكم في أهوائه، وآثر اللذات الروحية والعقلية على لذات الحس، وزاد فرفع الصداقة وحب البشر والتسامح فدعا إلى حسن معاملة الرقيق، وأوصى بعتق جميع عبيده، وعلم عبده موسى
Mouse
الفلسفة، حتى برز فيها فأعتقه، تسامحه النفسي هذا جعل العبيد ينضمون لمدرسته بل وحتى الغواني، فتمكن خصومه من التشهير به، بأنه يرافقهن.
لقد وضع صورة للحكيم الأبيقوري وهو يتطلع إلى حالة الأتراكسيا: أي حالة الخلو من الألم والسعادة المتصلة والطمأنينة الدائمة، مستمدا إياهما من باطن نفسه، ومستخفا بالظروف الخارجية حتى ولو كان - بتعبير أبيقور - فوق آلة التعذيب، وحريصا على البشاشة والبساطة والاعتدال والتعفف،
4
وأيضا حريصا على الإقلاع عن اللذات الكمالية، فقد قسم أبيقور اللذات الحسية إلى: ما هو طبيعي وضروري كالأكل، وما هو طبيعي وليس ضروريا كاللذة الجنسية، ثم ما هو لا طبيعي ولا ضروري كالرغبة في مأكل أو ملبس معين وهذه ينبغي الزهد فيها،
Página desconocida