Libertad en el Islam
الحرية في الإسلام
Géneros
أبينا أن نقر الذل فينا
ومن أجل ذلك كانوا لا يألفون الحواضر، ويفرون من الإقامة داخلها فرار الصحيح من المجذم يوجسون في أنفسهم أنها ذريعة للمسكنة، وسبيل للرغم من أنف العزة والعظمة، وجرى على هذا أبو العلاء المعري حين قال:
الموقدون بنجد نار بادية
لا يحضرون، وفقد العز في الحضر
وقال ابن الرومي:
هذا أبو الصقر فردا في محاسنه
من نسل شيبان بين الضال والسلم
والضال والسلم شجرتان بالبادية، وكنى بذلك عن إقامتهم بالبادية، وعدم نزولهم عنها إلى السكنى بالحاضرة، لينتقل من هذا إلى العلم بأنهم لم ينخلوا من ثوب عزهم، ويدخلوا تحت سيطرة الأحكام الملكية.
وما مثل العرب في حال عتوهم أزمنة الجاهلية إلا كمثل شجر أضغاث نشأ بمفازة مجهولة من الأرض، فاستغلظ والتوى قويه على ضعيفه يقطعه من أطرافه، ويقتل ما فيه من القوى النامية. ولولا الحكمة البالغة والأسلوب اللطيف الذي ساسهم به الإسلام إلى شريعته مع ما أودعه الله في طباعهم من سلامة الذوق ورقة الشعور ما كادوا يدخلون في دينه أفواجا، ويتقلدون عقائده وتكاليفه برغبة حريصة واختيار من تلقاء أنفسهم.
وأحيانا تسند تلك السلطة إلى هيئة حكومة، كما مر في الأزمنة الغابرة على أقوام مثل الجرمان، وهم على حالة قبائل بدوية وحكومة كل منهم في قبضة رئيس يدير شئونهم كيف يريد ويسخرهم كما تسخر الأنعام إلى حيث تشاء أغراضه الذاتية، ولما امتدت ولاية الرومانيين على كثير من أوروبا ضمت تحت جوانحها أولئك الطوائف، فازداد خناق الاستعباد في أعناقهم ضيقا وارتباطا، ومن أثر ذلك أن الحكومة لم تساو بينهم وبين أبناء جنسها فيما تمنحهم من الحقوق والامتيازات إلى أن عانقوا الديانة المسيحية بواسطة انتشارها بين الرومانيين.
Página desconocida