ثم أمر السادة بمكاتبة عبيدهم إذا علموا فيهم خيرا ، وذلك يكون بتمكينهم من الكسب الحر ، ومعونة المجتمع الإسلامي لهم ، كما قال تعالى في محكم القرآن : { والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم } [ النور : 33] .
ثم زاد على ذلك كله ، فجعل للعتق والتحرير سهما من أموال الزكاة وهي الضريبة التي يشترك جمهور المسلمين الأعظم في أدائها ، وهي المورد الدائم لبيت المال الإسلامي وذلك هو سهم في الرقاب .
وليس من الهين أن يخصص الإسلام من هذا المورد الدوري الهائل جزءا لتحرير الرقيق ، قد يكون ثمن حصيلة الزكاة ، وقد يكون أكثر ، بل قد يكون الحصيلة كلها إذا استغنت الأصناف الأخرى كما حدث في عهد عمر ابن عبد العزيز .
قال يحيى بن سعيد : بعثني عمر بن عبدالعزيز على صدقات أفريقيه فاقتضيتها ، وطلبت فقراء نعطيها لهم ، فلم نجد فقيرا ، ولم نجد من يأخذها منا ، فقد أغنى عمر بن عبدالعزيز الناس ، فاشتريت بها رقابا فأعتقتهم ) (1) .
ولو أن المسلمين أحسنوا تطبيق إسلامهم ، وتهيأ لهم الحكم العادل الراشد فترات طويلة ، لانمحى الرق من ديارهم بعد وقت يسير .
هذه هي النظرة الإسلامية في الدعوة إلى تحرير الرق وما على دعاة الحرية والديمقراطية إلا الرجوع إلى هذه التعاليم الإسلامية الرائعة ، وهذه النظم السماوية الصادقة ، فينهلوا من معينها الصافي .
وما أكثر الشعارات الفارغة التي تطلقها الدول الكبرى راعية الإستكبار العالمي حول الإنسان وحقوقه ، وهي أكثر انتهاكا لها ، وأسرع من يسعى إلى نقضها .
الخاتمة
Página 114