La Prueba Convincente de Dios

Shah Waliullah Dehlawi d. 1176 AH
31

La Prueba Convincente de Dios

حجة الله البالغة

Investigador

السيد سابق

Editorial

دار الجيل

Número de edición

الأولى

Año de publicación

سنة الطبع

Ubicación del editor

بيروت - لبنان

من أَهله، ثمَّ الْأَعْمَال هِيَ الْأُمُور المضبوطة الَّتِي تقصد بالتوقيت، وَترى، وتبصر، وتحكي، وتؤثر، وَتدْخل تَحت الْقُدْرَة وَالِاخْتِيَار، وَيُمكن أَن يُؤَاخذ بهَا وَعَلَيْهَا، ثمَّ النُّفُوس لَيست سَوَاء فِي إحصاء الْأَعْمَال والملكات عَلَيْهَا: فَمِنْهَا نفوس قَوِيَّة تتمثل عِنْدهَا الملكات أَكثر من الْأَعْمَال، فَلَا يعد من كمالها بِالْأَصَالَةِ إِلَّا الْأَخْلَاق، وَلَكِن تتمثل الْأَعْمَال لَهَا لِأَنَّهَا قوالبها وصورها، فيحصى عَلَيْهَا الْأَعْمَال إحصاء أَضْعَف من إحصاء الْأَخْلَاق بِمَنْزِلَة مَا يتَمَثَّل فِي الرُّؤْيَا من أشباح الْمَعْنى المُرَاد كالختم على الأفراه والفروج. وَمِنْهَا نفوس ضَعِيفَة تحسب أَعمالهَا عين كمالها لعدم اسْتِقْلَال الهيئات النفسانية، فَلَا تتمثل إِلَّا مضمحلة فِي الْأَعْمَال، فيحصى عَلَيْهَا أنفس الْأَعْمَال وهم أَكثر النَّاس وهم المحتاجون جدا إِلَى التَّوْقِيت الْبَالِغ ولهذه الْمعَانِي عظم الاعتناء بِالْأَعْمَالِ فِي النواميس الإلهية، ثمَّ إِن كثيرا من الْأَعْمَال يسْتَقرّ فِي الْمَلأ الْأَعْلَى، وَيتَوَجَّهُ إِلَيْهِ استحسانهم أَو استهجانهم بِالْأَصَالَةِ مَعَ قطع النّظر عَن الهيئات النفسانية الَّتِي تصدر عَنْهَا، فَيكون أَدَاء الصَّالح مِنْهَا بِمَنْزِلَة قبُول إلهام من الْمَلأ الْأَعْلَى فِي التَّقَرُّب مِنْهُم والتشبه بهم واكتساب أنوارهم وَيكون اقتراف السَّيئَة مِنْهَا خلاف لذَلِك. وَهَذَا الاستقراء يكون بِوُجُوه: مِنْهَا أَنهم يتلقون من بارئهم أَن نظام الْبشر لَا يصلح إِلَّا بأَدَاء أَعمال والكف عَن أَعمال، فتمثل تِلْكَ الْأَعْمَال عِنْدهم، ثمَّ تنزل فِي الشَّرَائِع من هُنَالك. وَمِنْهَا أَن نفوس الْبشر الَّتِي مارست ولازمت الْأَعْمَال إِذا انْتَقَلت إِلَى الْمَلأ الْأَعْلَى، وَتوجه إِلَيْهَا استحسانهم واستهجانهم، وَمضى على ذَلِك الْقُرُون والدهور اسْتَقَرَّتْ صور الْأَعْمَال عِنْدهم، وَبِالْجُمْلَةِ فتؤثر الْأَعْمَال حِينَئِذٍ تَأْثِير العزائم والرقى المأثورة عَن السّلف بهيئتها وصفاتها وَالله أعلم.

1 / 70