La Prueba Convincente de Dios
حجة الله البالغة
Editor
السيد سابق
Editorial
دار الجيل
Edición
الأولى
Año de publicación
سنة الطبع
Ubicación del editor
بيروت - لبنان
قَوْله تَعَالَى:
﴿مِنْهُ آيَات محكمات هن أم الْكتاب وَأخر متشابهات﴾
أَقُول الظَّاهِر أَن الْمُحكم مَا لم يحْتَمل إِلَّا وَجها وَاحِدًا مثل:
﴿حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم وبناتكم وأخواتكم﴾
والمتشابه مَا احْتمل وُجُوهًا، وَإِنَّمَا المُرَاد بَعْضهَا كَقَوْلِه تَعَالَى:
﴿لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا﴾
حملهَا الزائغون على إِبَاحَة الْخمر مَا لم يكن بغي أَو إِفْسَاد فِي الأَرْض، وَالصَّحِيح حملهَا على شاربيها قبل التَّحْرِيم.
قَوْله ﷺ " إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ " أَقُول: النِّيَّة الْقَصْد والعزيمة، وَالْمرَاد هَهُنَا الْعلَّة الغائبة الَّتِي يتصورها الْإِنْسَان فيبعثه على الْعَمَل مثل طلب ثَوَاب من الله أَو طلب رضَا الله، وَالْمعْنَى لَيْسَ للأعمال أثر فِي تَهْذِيب النَّفس وَإِصْلَاح عوجها إِلَّا إِذا كَانَت صادرة من تصور مقصد مِمَّا يرجع إِلَى التَّهْذِيب دون الْعَادة وموافقة النَّاس أَو الرِّيَاء والسمعة أَو قَضَاء
جبلة، كالقتال من الشجاع الَّذِي لَا يَسْتَطِيع الصَّبْر عَن الْقِتَال، فلولا مجاهدة الْكفَّار لصرف هَذَا الْخلق فِي قتال الْمُسلمين، وَهُوَ مَا سُئِلَ النَّبِي ﷺ " الرجل وَيُقَاتل رِيَاء يُقَاتل شجاعة فأيها فِي سَبِيل الله؟ فَقَالَ: من قَاتل لتَكون كلمة الله هِيَ الْعليا فَهُوَ فِي سَبِيل الله " وَالْفِقْه فِي ذَلِك أَن عَزِيمَة الْقلب روح الْأَعْمَال أشباح لَهَا.
قَوْله ﷺ: " الْحَلَال بَين، وَالْحرَام بَين، وَبَينهمَا مُشْتَبهَات، فَمن اتَّقى الشُّبُهَات فقد اسْتَبْرَأَ لدينِهِ وَعرضه " أَقُول قد تتعارض الْوُجُوه فِي الْمَسْأَلَة، فَتكون السّنة حِينَئِذٍ الِاسْتِبْرَاء وَالِاحْتِيَاط، فَمن التَّعَارُض أَن تخْتَلف الرِّوَايَة تَصْرِيحًا كمس الذّكر، هَل ينْقض الْوضُوء، أثْبته الْبَعْض، ونفاه الْآخرُونَ، وَلكُل وَاحِد حَدِيث يشْهد لَهُ، كَالنِّكَاحِ للْمحرمِ سوغه طَائِفَة، ونفاه آخَرُونَ، وَاخْتلفت الرِّوَايَة.
وَمِنْه أَن يكون اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل فِي هَذَا الْبَاب غير منضبط الْمَعْنى يكون مَعْلُوما بِالْقِسْمَةِ والمثال، وَلَا يكون مَعْلُوما بِالْحَدِّ الْجَامِع الْمَانِع، فَيخرج ثَلَاث مواد، مَادَّة يُطلق عَلَيْهِ اللَّفْظ يَقِينا، ومادة لَا يُطلق عَلَيْهَا يَقِينا، ومادة لَا يدْرِي هَل يَصح الْإِطْلَاق عَلَيْهَا أم لَا.
وَمِنْه أَن يكون الحكم مَنُوطًا يَقِينا بعلة هِيَ مَظَنَّة لمقصد يَقِينا، وَيكون نوع لَا يُوجد فِيهِ الْمَقْصد، وَيُوجد فِيهِ الْعلَّة كالأمة الْمُشْتَرَاة مِمَّن لَا يُجَامع مثله، هَل يجب استبراؤها؟ فَهَذِهِ وأمثالها يتَأَكَّد الِاحْتِيَاط فِيهَا.
1 / 293