La Prueba Convincente de Dios
حجة الله البالغة
Investigador
السيد سابق
Editorial
دار الجيل
Número de edición
الأولى
Año de publicación
سنة الطبع
Ubicación del editor
بيروت - لبنان
كَذَلِك وَجب على الخائض فِي الْفِقْه أَن يكون متضلعا من كلا المشربين، ومتبحرا فِي كلا المذهبين، وَكَانَ أحسن شَعَائِر الْملَّة مَا أجمع عَلَيْهِ جُمْهُور الروَاة وَحَملَة الْعلم، وتطابق فِيهِ الطريقتان جَمِيعًا، وَالله أعلم.
(بَاب طَبَقَات كتب الحَدِيث)
اعْلَم أَنه لَا سَبِيل لنا إِلَى معرفَة الشَّرَائِع وَالْأَحْكَام إِلَّا خبر النَّبِي ﷺ بِخِلَاف الْمصَالح، فَإِنَّهَا قد تدْرك بالتجربة وَالنَّظَر الصَّادِق والحدس وَنَحْو ذَلِك، وَلَا سَبِيل لنا إِلَى معرفَة أخباره ﷺ إِلَّا تلقي الرِّوَايَات المنتهية إِلَيْهِ بالاتصال والعنعنة سَوَاء كَانَت من لَفظه ﷺ، أَو كَانَت أَحَادِيث مَوْقُوفَة قد صحت الرِّوَايَة بهَا عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ بِحَيْثُ يبعد إقدامهم على الْجَزْم بِمثلِهِ لَوْلَا النَّص أَو الاشارة من الشَّارِع، فَمثل ذَلِك رِوَايَة عَنهُ ﷺ دلَالَة، وتلقي تِلْكَ الرِّوَايَات لَا سَبِيل إِلَيْهِ فِي يَوْمنَا هَذَا إِلَّا تتبع الْكتب الْمُدَوَّنَة فِي علم الحَدِيث، فَإِنَّهُ لَا يُوجد الْيَوْم رِوَايَة يعْتَمد عَلَيْهَا غير مدونة، وَكتب الحَدِيث على طَبَقَات مُخْتَلفَة ومنازل متباينة فَوَجَبَ الاعتناء بِمَعْرِفَة طَبَقَات كتب الحَدِيث.
فَتَقول هِيَ بِاعْتِبَار الصِّحَّة والشهرة على أَربع طَبَقَات: وَذَلِكَ لِأَن أَعلَى أَقسَام الحَدِيث - كَمَا عرفت فِيمَا سبق - مَا ثَبت بالتواتر، وأجمعت الْأمة على قبُوله الْعَمَل بِهِ، ... ثمَّ مَا استفاض من طرق مُتعَدِّدَة لَا يبْقى مَعهَا شُبْهَة يعْتد بهَا، وَاتفقَ على الْعَمَل بِهِ جُمْهُور فُقَهَاء الْأَمْصَار، أَو لم يخْتَلف فِيهِ عُلَمَاء الْحَرَمَيْنِ خَاصَّة، فَإِن الْحَرَمَيْنِ مَحل الْخُلَفَاء الرَّاشِدين فِي الْقُرُون الأولى ومحط رحال الْعلمَاء طبقَة بعد طبقَة يبعد أَن يسلمُوا مِنْهُم الْخَطَأ الظَّاهِر، أَو كَانَ قولا مَشْهُورا مَعْمُولا بِهِ فِي قطر عَظِيم مرويا عَن جمَاعَة عَظِيمَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ، ثمَّ مَا صَحَّ، أَو حسن سَنَده، وَشهد بِهِ عُلَمَاء الحَدِيث، وَلم يكن قولا متروكا لم يذهب إِلَيْهِ أحد من الْأمة، أما مَا كَانَ ضَعِيفا مَوْضُوعا أَو مُنْقَطِعًا أَو مقلوبا فِي سَنَده أَو مَتنه أَو من رِوَايَة المجاهيل أَو مُخَالفا لما أجمع عَلَيْهِ السّلف طبقَة بعد طبقَة، فَلَا سَبِيل إِلَى القَوْل بِهِ، ...، فالصحة أَن يشْتَرط مؤلف الْكتاب على نَفسه إِيرَاد مَا صَحَّ أَو حسن غير مقلوب وَلَا شَاذ وَلَا ضَعِيف إِلَّا مَعَ بَيَان حَاله، فَإِن إِيرَاد الضَّعِيف مَعَ بَيَان حَاله لَا يقْدَح فِي الْكتاب.
والشهرة أَن تكون الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة فِيهَا دَائِرَة على أَلْسِنَة الْمُحدثين قبل تدوينها وَبعد تدوينها، فَيكون أَئِمَّة الحَدِيث قبل الْمُؤلف رووها بطرق شَتَّى، وأوردوها فِي مسانيدهم
1 / 230