La Prueba Convincente de Dios
حجة الله البالغة
Investigador
السيد سابق
Editorial
دار الجيل
Número de edición
الأولى
Año de publicación
سنة الطبع
Ubicación del editor
بيروت - لبنان
السَّفِينَة مَظَنَّة لدوران الرَّأْس، وإدارة رخصَة الْعُقُود فِي الصَّلَاة عَلَيْهِ، وَتَقْدِير المَاء بالعشر فِي الْعشْر وَكلما أفهم الشَّرْع الْمصلحَة فِي مَوضِع، فَوَجَدنَا تِلْكَ الْمصلحَة فِي مَوضِع آخر عرفنَا أَن الرِّضَا يتَعَلَّق بهَا بِعَينهَا لَا بِخُصُوص ذَلِك الْموضع، بِخِلَاف الْمَقَادِير
فان الرِّضَا يتَعَلَّق هُنَاكَ بالمقادير أَنْفسهَا، ... تَفْصِيل ذَلِك أَن من ترك صَلَاة وَقت كَانَ آثِما وَإِن شغل ذَلِك الْوَقْت بِالذكر وَسَائِر الطَّاعَات، وَمن ترك زَكَاة مَفْرُوضَة، وَصرف أَكثر من ذَلِك المَال فِي وُجُوه الْخَيْر كَانَ آثِما، وَكَذَلِكَ إِن لبس الْحَرِير وَالذَّهَب فِي الْخلْوَة حَيْثُ لَا يتَصَوَّر كسر قُلُوب الْفُقَرَاء وَحمل النَّاس على الْإِكْثَار من الدُّنْيَا وَلم يقْصد بِهِ الترفه - كَانَ آثِما وَكَذَلِكَ إِن شرب الْخمر بنية التَّدَاوِي، وَلم يكن هُنَاكَ فَسَاد، وَلَا ترك صَلَاة كَانَ آثِما لِأَن الرِّضَا والسخط متعلقان فأنفس هَذِه الْأَشْيَاء، وَإِن كَانَ الْغَرَض الْأَصْلِيّ كبحهم عَن الْفساد وَحَملهمْ على الْمصَالح، وَلَكِن الْحق علم أَن سياسة الْأمة لَا تمكن فِي هَذَا الْوَقْت إِلَّا بايجاب أنفس هَذِه الْأَشْيَاء وتحريمها فَتوجه الرِّضَا والسخط إِلَى أَنْفسهَا، وَكتب ذَلِك فِي الْمَلأ الْأَعْلَى بِخِلَاف مَا إِذا لبس الصُّوف الرفيع الَّذِي هُوَ أَعلَى وأغلى من الْحَرِير، وَاسْتعْمل أواني الْيَاقُوت فَإِنَّهُ لَا يَأْثَم بِنَفس هَذَا الْفِعْل، وَلَكِن إِن تحقق كسر قُلُوب الْفُقَرَاء وَحمل النَّاس على فعل ذَلِك أَو قصد الترفه بعد من الرَّحْمَة لأجل تِلْكَ الْمَفَاسِد وَإِلَّا فَلَا، وَحَيْثُ وجدت الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فعلوا مَا يشبه التَّقْدِير، فانما مُرَادهم بَيَان الْمصلحَة وَالتَّرْغِيب فِيهَا، والمفسدة والترهيب عَنْهَا، وَإِنَّمَا أخرجُوا تِلْكَ الصُّورَة مخرج الْمثل لَا يقصدون إِلَيْهَا بالخصوص، وَإِنَّمَا يقصدون إِلَى الْمعَانِي وَإِن اشْتبهَ الْأَمر بَادِي الرَّأْي، وَحَيْثُ جوز الشَّرْع استبدال مِقْدَار بِقِيمَتِه كَبِنْت المخاص بِقِيمَتِهَا على قَول فعلى التَّسْلِيم هُوَ أَيْضا نوع من التَّقْدِير، وَذَلِكَ لِأَن التَّقْدِير لَا يُمكن الِاسْتِقْصَاء فِيهِ بِحَيْثُ يُفْضِي إِلَى التَّضْيِيق، وَلَكِن رُبمَا يقدر بِأَمْر ينطبق على أُمُور كَثِيرَة كَبِنْت الْمَخَاض نَفسهَا فانها رُبمَا كَانَت بنت مَخَاض آرفه من بنت مَخَاض، وَرُبمَا كَانَ التَّقْدِير بِالْقيمَةِ تَقْديرا بِحَدّ مَعْلُوم فِي الْجُمْلَة كتقدير نِصَاب الْقطع بِمَا يكون قِيمَته ربع دِينَار أَو ثَلَاثَة دَرَاهِم.
وَاعْلَم أَن التَّحْرِيم والايجاب وَالتَّحْرِيم من التَّقْدِير، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كثيرا مَا تعن مصلحَة أَو مفْسدَة لَهَا صور كَثِيرَة، فَتعين صُورَة للايجاب أَو التَّحْرِيم، لِأَنَّهَا من الْأُمُور المضبوطة أَو لِأَنَّهَا مِمَّا عرفُوا حَالهَا فِي الْملَل السَّابِقَة، أَو رَغِبُوا فِيهَا أَكثر رَغْبَة وَلذَلِك اعتذر النَّبِي ﷺ وَقَالَ: " خشيت أَن يكْتب عَلَيْكُم " وَقَالَ " لَوْلَا أَن أشق على أمتِي لأمرتهم بِالسِّوَاكِ " وَإِذا كَانَ الْأَمر على ذَلِك لم يجز حمل غير الْمَنْصُوص حكمه على الْمَنْصُوص
1 / 227