وهذه الآية الشريفة ليست نصا في إيجاب صلاة الجمعة بحسب ظاهرها كما ترى (¬1) ؛ أما أولا فلأن الأمر بالسعي إلى ذكر الله ليس أمرا بفعل الصلاة. وأما ثانيا فإن ذكر الله ليس نصا في الصلاة، لكن أطبقت الأمة المحمدية على فرضية صلاة الجمعة مع كمال شروطها لما حصل لهم من الأدلة على ذلك من أفعاله - صلى الله عليه وسلم - وأقواله، وحملوا الآية على ذلك، فإذا ظهر لك أن الآية ليست نصا في إيجاب صلاة الجمعة وإنما إيجابها بانضمام ما علم من السنة إليها ظهر لك أنه ليس للخصم علينا بظاهر الآية حجة. وإذا حول استدلاله إلى السنة جئناه بأدلة من السنة أيضا على اشتراط ما اشترطنا في وجوبها وصحتها، فكما علمنا فرضيتها من السنة كذلك علمنا شروط وجوبها وصحتها منها أيضا، ولو كانت الآية الشريفة نصا في إيجاب صلاة الجمعة لقلنا إن هذا النص مخصص بشروط من السنة، وقد صح واشتهر أن السنة تخصص الكتاب. ثم إنه لا سبيل للخصم في إسقاط جميع الشروط الآتي ذكرها، وإن ادعى سقوط بعضها فإن الأمة المحمدية كما أنها اجتمعت على أن صلاة الجمعة فريضة،كذلك اجتمعت (¬2) على أنها لا تجب على صبي ولا مجنون ولا امرأة، وهكذا بقية الشروط المجتمع عليها. وأنت خبير أنه لم يكن في الآية استثناء شيء من ذلك، فقد أثبت الخصم تخصيص الآية على تقدير أنها نص في المراد ولا مخصص لها من نفسها، فاحتاج إلى طلب المخصص من خارج ضرورة، ولا مخصص سوى السنة، وهي التي أثبتنا بها شروط الجمعة الآتي ذكرها، والله اعلم.
[دليل وجوبها من السنة]:
¬__________
(¬1) - ... انظر تعليق سماحة الشيخ أحمد الخليلي على قول العلامة السالمي في الملحق رقم01، س01.
(¬2) - ... انظر؛ أبو جيب، موسوعة الإجماع،02/633.
Página 42