Tregua para Recuperar el Aliento
هدنة لالتقاط الأنفاس
Géneros
ولكنني أريده. اعتقدت ذلك على الأقل في تلك اللحظة. ولا تسئ فهم ما أقول؛ فبادئ ذي بدء، وعلى عكس معظم أبناء الطبقة العاملة، ليست لدي تلك العاطفة الصبيانية تجاه «الريف»؛ فقد نشأت بالقرب الشديد منه وعشت فيه بما يكفي. ولا أريد ألا يعيش الناس في البلدات، أو في الضواحي في الحقيقة، فليعيشوا أينما أرادوا. ولا أقول بأن تقضي البشرية كلها أعمارها جميعا في التنزه والتقاط أزهار الربيع وما إلى ذلك، فأنا أعلم جيدا أنه يجب علينا الذهاب للعمل، وأنه فقط لأن ثمة رجالا يسعلون في المناجم حتى تكاد رئتهم تخرج من صدورهم، وفتيات يعملن على الآلة الكاتبة بهمة؛ فلا يسمح الوقت لأحد بقطف زهرة. إضافة إلى أنك إن لم يكن بطنك ممتلئا ومنزلك دافئا، فلن تريد أن تقطف زهرة. ولكن ذلك ليس المقصد. إنه ذلك الإحساس الداخلي الذي يغمرني، أعترف أنه لا يحدث دائما ولكن بين الحين والآخر. وأعلم أنه إحساس من الجيد أن يشعر به المرء. وما هو أكثر من ذلك، أنه كذلك بالنسبة لجميع الناس، أو الغالبية العظمى. إنه حولنا طوال الوقت، ونعلم جميعا أنه هناك. أوقف ذلك المدفع الرشاش! توقف عن مطاردة ما تطارده! اهدأ، واسترجع أنفاسك ، واجعل بعض السكينة تتسرب إلى داخلك. أعرف أنه لا فائدة من ذلك؛ فنحن لا نفعل ذلك، فقط نستمر في حماقاتنا اللعينة نفسها.
الحرب التالية على الأبواب، يقولون إنها قادمة في عام 1941. ثلاث دورات للأرض حول الشمس، ثم سنجد أنفسنا فيها مباشرة. ستسقط علينا القنابل كالسيجار الأسود، وستتدفق الطلقات بانسيابية من مدافع برن الآلية. ليس هذا ما يقلقني تحديدا؛ فقد كبرت سني كثيرا على القتال. وسنشهد كذلك الغارات الجوية بالطبع، ولكنها لن تضرب الجميع؛ هذا بالإضافة إلى أنه إذا وجد ذلك الخطر، فلن يؤخذ بعين الاعتبار مسبقا. وكما قلت عدة مرات من قبل، فأنا لست خائفا من الحرب، بل مما بعدها. وحتى ذلك ليس من المحتمل أن يؤثر علي بشكل خاص؛ فمن سيهتم برجل مثلي؟ أنا بدين جدا على أن أكون موضع شك سياسي. لا أحد سيسعى لقتلي أو ضربي بهراوة مطاطية، فأنا رجل عادي من الطبقة المتوسطة، ينصرف عندما تأمره الشرطة بذلك. أما هيلدا والطفلان، فربما حتى لن يلاحظوا قط أي فرق. ولكن الأمر يرعبني. الأسلاك الشائكة! الشعارات! الوجوه الضخمة! السراديب المبطنة بالفلين حيث يضربك الجلادون من الخلف! لكل ذلك، ترعب الحرب رجالا آخرين أكثر حماقة مني من الناحية الفكرية. ولكن لماذا؟ لأنها تعني نهاية هذا الشيء الذي أخبرتك به، هذا الإحساس الفريد بداخلك. فلتسمه سلاما إن أردت، ولكن عندما أقول سلاما فلا أقصد عدم الحرب، بل أقصد السكينة، ذلك الإحساس الذي تشعر به في حواشيك. وسيزول للأبد إن أمسك بنا صبيان الهراوات المطاطية.
أخذت باقة زهور الربيع وشممتها. وكنت أفكر في بلدة لوير بينفيلد. كان من الطريف أن تظل تأتي إلى ذاكرتي على فترات خلال الشهرين الماضيين، وبعد عشرين عاما كنت قد نسيتها فيها بالفعل. وفي هذه اللحظة تحديدا، سمعت صوت سيارة آتية على الطريق.
عدت إلى الواقع مصدوما، وأدركت فجأة ما كنت أفعله، أتنزه ملتقطا أزهار الربيع بينما ينبغي علي أن أقوم بتقييم متجر تاجر الأدوات المعدنية هذا الذي في بودلي. إلى جانب هذا، هالني فجأة كيف سيبدو شكلي أمام الناس الذين في السيارة إن رأوني. رجل بدين بقبعة مستديرة يمسك بباقة من أزهار الربيع! لا تبدو صورة جيدة على الإطلاق، فالرجل البدين يجب ألا يمسك بأزهار الربيع، بأي حال من الأحوال في العلن. كان لدي الوقت لرميها عبر السياج قبل أن تظهر السيارة في مرمى البصر. وكان من الجيد أن فعلت ذلك؛ فالسيارة كانت مليئة بالشباب الحمقى في عمر العشرين تقريبا، وكانوا بالتأكيد سيضحكون مني لو كانوا رأوني على تلك الحال. كانوا جميعا ينظرون إلي - تعلم كيف ينظر الناس إليك عندما يكونون في سيارة قادمة نحوك - وخطر ببالي أنه حتى الآن ربما يخمنون ما كنت أفعل. أفضل أن يظنوا أي شيء آخر. فلماذا يخرج رجل من سيارته على جانب طريق ريفي؟ الأمر واضح! عندما مرت السيارة، تظاهرت بأني أغلق أزرار البنطال الأمامية.
أدرت السيارة باستخدام الكرنك (فمبدئ الحركة الذاتي لم يعد يعمل) وركبت. ومن الغريب أنه في اللحظة نفسها التي كنت أغلق فيها أزرار بنطالي، عندما كان ذهني منشغلا ثلاثة أرباعه بالتفكير في أمر هؤلاء الشباب الحمقى في السيارة الأخرى، خطرت ببالي فكرة مدهشة.
سأذهب إلى لوير بينفيلد!
لم لا؟ فكرت في ذلك وأنا أسير بأقصى سرعة بالسيارة. ما المانع؟ ماذا كان يمنعني؟ ولماذا لم أفكر بحق الجحيم في الأمر من قبل؟ إجازة هادئة في لوير بينفيلد، إنه بالضبط ما أحتاج إليه.
لا تتخيل أن لدي أي أفكار عن العودة للعيش في لوير بينفيلد، فلم أكن أخطط لأن أهجر هيلدا والطفلين وأن أبدأ حياتي باسم آخر؛ فهذه الأشياء لا تحدث إلا في الروايات؛ ولكن ما الذي يمنعني من زيارة لوير بينفيلد وقضاء أسبوع فيها وحدي تماما، في السر؟
بدا كأني قد خططت لكل شيء في ذهني بالفعل، وكان الأمر مناسبا ما دامت النقود متوفرة. كان لا يزال معي اثنا عشر جنيها أحتفظ بها سرا، ويمكنك قضاء أسبوع غاية في الراحة بهذا المبلغ. يمكنني الحصول على إجازة من العمل لمدة أسبوعين في السنة، وتكون عادة في أغسطس أو سبتمبر. وإذا تمكنت من اختلاق قصة مناسبة - احتضار قريب من مرض عضال أو ما شابه - لربما تمكنت من إقناع الشركة أن تعطيني إجازتي على فترتين منفصلتين. حينئذ يمكنني أن آخذ أسبوعا كاملا وحدي قبل أن تعرف هيلدا بالأمر. أسبوع في لوير بينفيلد، بعيدا عن هيلدا والطفلين، وفلاينج سلامندر، وشارع إلزمير والشجار حول الإيجار والمشتريات، وضوضاء المرور التي تقودك للجنون، فقط أسبوع من التسكع والاستماع لصوت الهدوء!
ولكن في رأيك لم أريد العودة إلى لوير بينفيلد؟ لماذا لوير بينفيلد بالتحديد؟ ما الذي أنوي فعله عندما أذهب إلى هناك؟
Página desconocida