فجعل ينظر إليها، وهو يتذكر منظر جزر الأدرياتيك كما تلوح لعيني المشاهد في دوبروفنيك في ليالي القمر، ثم سألها: من؟ - لن يخطر لك على بال! - يوثانت؟ - سائح مجهول ذو لحية شقراء، وشعر مضفور دعاني للعشاء فلبيت!
فضحك حسني طويلا، ثم قال: احتفظي به فسيكون درة! - كدت أجن في غيابك!
فقال بعطف: غلبك الحزن أكثر مما يجوز.
فقالت بتأثر شديد منذر بالدمع: كان التحقيق، ثم الزواج، وشعرت بأن الدنيا ماتت ولن تبعث.
وراح يملأ قدحين وهو حزين، وقدم لها قدحها قائلا: صحتك!
وأفرغا القدحين معا. وقال - لا عن صدق - ولكن عن عطف حقيقي: تذكرتك وأنا جالس في حديقة تحت الأرض في دوبروفنيك، فتاقت نفسي إليك بحنان عجيب! - لعلي كنت أفكر فيك، وأنا أقرع جرسك فلا يرد. - قلبي معك، لا تخافي يا عزيزتي!
فتنهدت بصوت مسموع تردد كالنغمة في جو الحجرة السحري. وكان يروض رغبة طفرت إلى أعصابه، رغبة طارئة وناعمة في أن يلعب الحب معها. ولم يعلنها، وذهب إلى التليفون وأدار القرص: ألو .. سمراء؟ .. كيف أنت .. جميل أن تعرفي صوتي من أول كلمة .. أريدك على عجل .. الآن إن أمكن .. إلى اللقاء.
ورجع إليها وهو يسأل: أتعرفين سمراء وجدي؟
فهزت رأسها نفيا، فقال: آن لك أن تعرفيها.
31
Página desconocida