كانت تعلم أنني أكذب. تعلم أنني أقف ساكنة خلف باب شقتي في القبو ولا أجيب نقرها عليه. لم أكن لأندهش إذا ما علمت أنها فتشت في قمامتنا ووجدت أوراقي المتكمشة المتسخة التي سجلت فيها كوارثي باستفاضة، بل وقرأتها. لماذا لم تيأس مني؟ لم تستطع؛ فقد كنت حالة مناسبة لها - ربما يعود ذلك إلى أن طباعي الغريبة وغير اللائقة لم تختلف بالنسبة إليها عن إصابة السيد جوري، وما لا يمكن تصحيحه لا بد من احتماله.
ذات يوم نزلت السيدة جوري الدرج، بينما كنت في وسط القبو أغسل ثيابنا؛ فقد سمحت لي أن أستخدم غسالتها وأحواض الغسيل كل يوم ثلاثاء.
سألتني حينها: «هل عثرت على فرصة عمل؟» فقلت لها دون تفكير إن المسئولين بالمكتبة قالوا إنهم قد يحتاجونني في المستقبل. وفكرت بالفعل أن أتظاهر بالعمل في المكتبة مستقبلا - يمكنني أن أذهب هناك كل يوم وأجلس على إحدى طاولاتها الطويلة كي أقرأ أو حتى أحاول أن أكتب كما كنت أفعل بين الفينة والأخرى في الماضي. بالطبع سينكشف أمري إذا ما ذهبت السيدة جوري إلى المكتبة يوما ما - لكنها لن تستطيع دفع السيد جوري أمامها كل تلك المسافة لأعلى التل - أو إذا ذكرت الموضوع أمام تشيس؛ لكنني لم أظن أن هذا قد يحدث أيضا؛ فقد قالت لي ذات مرة إنها تخشى في بعض الأحيان من أن تلقي عليه التحية؛ لأنه يبدو متجهما.
قالت السيدة جوري: «حسنا لكن في الوقت الحالي ... لقد خطر لي أنك في الوقت الحالي قد تفضلين القيام بوظيفة بسيطة؛ أن تجالسي السيد جوري خلال فترات بعد الظهيرة.»
قالت إنها قد عرضت عليها وظيفة في متجر هدايا مستشفى سانت بول لثلاث أو أربع مرات في الأسبوع خلال فترة بعد الظهيرة، واستطردت: «إنها بلا مقابل مادي، وإلا لأرشدتك لتسألي عنها، وإنما هي عمل تطوعي. يقول الطبيب إن الخروج من المنزل أمر جيد بالنسبة إلي، وإلا - حسب زعمه - فستخور قواي. الأمر ليس له علاقة بحاجتي للمال، حيث إن راي ولد بار. إنما الوظيفة بسيطة وتطوعية، حتى إنني فكرت أن ...» ثم نظرت إلى أحواض الشطف فرأت قمصان تشيس مغمورة في الماء النظيف نفسه مع الروب الخاص بي المزخرف بالزهور، والملاءات ذات اللون الأزرق الباهت.
قالت: «أوه، عزيزتي، لا تقولي إنك وضعت الملابس البيضاء مع الملونة في الحوض نفسه.»
قلت: «نعم. الملابس الفاتحة فحسب؛ ألوانها لا تصبغ الملابس البيضاء.»
فردت: «الملابس الفاتحة ملابس ملونة، ربما تظنين أن القمصان ستظل على بياضها، لكنها لن تكون بيضاء كما كانت.»
قلت لها إنني سأتذكر هذه النصيحة المرة القادمة.
فقالت وهي تضحك ضحكتها المقتضبة الفاضحة: «هذه هي الطريقة التي تعتنين بها بزوجك.»
Página desconocida