قالت لها والدتها: «هل كان الأمر صعبا إلى هذا الحد هذه المرة؟» كرهت والدتها التحدث عن المرض أو فراش الموت، وحقيقة أنها وصلت لهذه المرحلة التي تطرح فيها مثل هذا السؤال كانت تعني أن انزعاج إنيد كان واضحا.
واصلت والدتها طرح الأسئلة: «هل السبب هو الطفلتان اللتان ارتبطت بهما؛ هاتان المشاكستان الصغيرتان المسكينتان؟»
أجابتها إنيد بأن كل ما في الأمر هو حاجتها للاستقرار والراحة بعد وفاة هذه الحالة التي استمرت في رعايتها وقتا طويلا، والحالة التي لا أمل فيها تسبب توترا من نوع خاص. لم تخرج من منزل والدتها أثناء النهار، لكنها كانت تذهب للتمشية في الليل الذي تتأكد فيه من عدم الالتقاء بأحد أو الاضطرار إلى التحدث مع أحد. وفي إحدى المرات، وجدت نفسها تسير بجوار جدران سجن المقاطعة. كانت تعرف أن ثمة فناء بالسجن خلف هذه الجدران كانت تجرى فيه عمليات الإعدام شنقا قديما، لكنها لم تعد تجرى فيه منذ سنوات طوال، ولا بد أنها صارت تجرى الآن في أحد السجون المركزية الكبيرة، ذلك إذا كان عليهم إجراء أي منها على الإطلاق؛ فقد مر وقت طويل منذ أن ارتكب أحد في هذا المجتمع أي جريمة على هذا القدر من الخطورة التي تؤدي إلى عقوبة الإعدام. •••
بجلوس إنيد في الجهة المقابلة لروبرت على المائدة، في مواجهة باب غرفة السيدة كوين، كادت تنسى حجتها والخطة التي أعدتها لذلك اليوم، لكنها شعرت بحقيبتها التي وضعتها على حجرها والكاميرا الموجودة بداخلها، فذكرها ذلك بما جاءت من أجله.
قالت: «ثمة شيء أود أن أطلبه منك، وأظن أنه من الأفضل فعل ذلك الآن؛ لأنه لن تسنح لي فرصة أخرى.»
سألها روبرت: «ما هذا الشيء؟» «أعلم أنك تملك زورق تجديف؛ لذا أردت أن أطلب منك أن تأخذني في جولة به إلى منتصف النهر حتى أتمكن من التقاط صورة هناك. أرغب في التقاط صورة لضفة النهر. المكان جميل هناك بما يحويه من أشجار الصفصاف الممتدة بطول الضفة.»
قال روبرت بشيء من عدم الاندهاش الحذر: «حسنا.» وهو رد الفعل الذي يظهره أهل الريف عادة تجاه عبث - بل ووقاحة - زوارهم.
هذا ما صارت عليه إنيد الآن ... زائرة.
تمثلت خطتها في الانتظار حتى يصلا إلى منتصف النهر، ثم إخباره بأنها لا تستطيع السباحة. ستسأله، أولا، عن مدى عمق الماء في ذلك المكان، وسيجيبها، بالتأكيد، أنه بعد كل هذه الأمطار التي شهدتها المنطقة، ربما يكون العمق قد وصل إلى سبعة أو ثمانية، بل وربما عشرة أقدام. وبعد ذلك، ستخبره بأنها لا تستطيع السباحة. ولن تكون هذه كذبة؛ فقد نشأت إنيد في والي على ضفاف البحيرة، ولعبت على الشاطئ كل صيف في طفولتها، وكانت فتاة قوية وماهرة في الألعاب، لكنها كانت تخاف الماء. ولم تجد معها نفعا محاولات الإقناع أو الشرح أو الشعور بالخزي قط؛ ومن ثم، لم تتعلم السباحة.
حينئذ، لن يكون عليه سوى دفعها بأحد المجدافين ليطيح بها في الماء، ويدعها تغرق، ثم يترك القارب في الماء، ويسبح وصولا إلى الشاطئ، ويغير ملابسه، ويقول إنه عائد من الحظيرة أو أنه كان يتمشى ووجد سيارة إنيد أمام المنزل، لكنه لم يجدها هي. وإن عثر على الكاميرا خاصتها، فسيضفي ذلك مزيدا من المصداقية على ما يدعيه؛ فسيعتقد الناس أنها قد خرجت إلى النهر بالقارب لالتقاط صورة، ثم سقطت في الماء بطريقة أو بأخرى.
Página desconocida