ولو أني خبأتك في عيوني
إلى يوم القيامة ما كفاني
والغيرة كما تولد تموت، فيقول سنيكا: «الغيرة تبث الشك، ولكن متى أقلعنا من ميناء الشك، ودخلنا ميناء الحقيقة، ماتت الغيرة وانمحت آثارها.»
والغيرة في نظر «بريور» لا تعرف إلا قلب المرأة، فهو يقول: «يزداد قلب الرجل برودة، وقلب المرأة غيرة، وهو يسعى إلى الحرية، أما هي فتنشد السلطان.»
ومن رأي شكسبير أن الغيرة تجسم المسائل التافهة في عين المرأة وعقلها فيقول: «المسائل التافهة في عين المرأة الغيور أدلة دامغة كالأدلة التي جاءت في الكتب السماوية.» ويتفق يونج مع شكسبير في هذا الرأي إذ يقول: «من أخص طبائع الغيرة أنها تجسم الأمور وتخلق أشباحا من العدم، ثم تفقد رشدها وسط تلك الأوهام المختلفة التي تصورتها.»
ويعضد هذا الرأي كلمات براوننج عن الغيرة: «يا للغيرة وآثارها! ويا للبشر وحماقتهم! تخلق الغيرة من الكذب صدقا، فتسخر بالعين والأذن. إنها تكسب الضباب صلابة، وتنطق الصمت البهيم، وتقلب الحشد الودود إلى جيش من الأعداء المتآمرين.»
وكما قلنا إن للحب قوة، فالغيرة كذلك لا تخلو من القوة. وإن كان للحب قوة الموت، فللغيرة قوة اللحد. ويشبهها يونج بالموت حين يقول: «الغيرة محنة المحن، أو قل هي الموت المركب». ويذكرها «جون جاي» مقرونة بالجنون فيقول: «ما يمليه الجنون تؤمن به الغيرة». كما يقول أيضا سير آرثر ونج: «النسوة الغيورات بهن مس من الجنون.»
وقد يصل جنون المرأة عندما تغار أن تشعل النار في بيتها؛ ذلك لأن المرأة الغيور تؤمن بما تقترحه عواطفها. والمثل الإنجليزي يقول: «سرعان ما يتهشم رأس الغيور.»
وإن كان هناك من يقول إن الغيرة هي جزاء الحب، فإن «تنيسون» يؤيد رأي هؤلاء حين يقول: «آفة الحب الغيرة.»
والأمر الذي لا جدال فيه هو أن الغيرة جحيم المحب المكلوم، وأنها كالكير، إن ضغطته بلطف أدفأ شهوتك، وإن استعملته بعنف أشعلك نارا موقدة.»
Página desconocida