في خضم الشهوة والهوى والغيرة
العاطفة تلعب دورها في حياة البشر، إن لم تكن هي عناصر الحياة نفسها. هي كل شيء في حياة الكون كله، فالعاطفة والهوى يحكمان العالم بيد من حديد.
ما أصدق أوسكار وايلد حين يقول: «إن عواطفنا كالنار، يمكننا أن نجعلها تسمو بنا وتنقي نفوسنا، أو أن ندعها تستعر فتحرقنا ونكتوي بها.»
ويتفق مع أوسكار وايلد في رأيه روجيه ليسترانج إذ يقول: «العواطف كالنار والماء، إنها تخدمك إذا كنت المتحكم فيها، ولكن الويل لك إذا خرجت عن سيطرتك.»
ويحدثنا شيلي عن العواطف فيربط بينها وبين الأهواء والمصالح جاعلا من ثالوثهما أداة قوية تسعى نحو تحريك أحط ألوان البشر، وتوليد أضعف الأفكار في أذهانهم.
العاطفة قوة، إنها شباب للقلب، وكل ما يفعل بدون عاطفة يفعل عادة ببرود. ولكن ما من شك في أن ما يعمل بدافع العاطفة وحدها لا بد أن يؤدي إلى الندم. فما أقسى العاطفة التي تستنبت زهرة وتقتلع غابا، أو التي تحيينا يوما وتميتنا دهرا! وليس معنى التحكم في العواطف أن العاطفة ضعيفة ونحن الأقوياء، فالمعروف طبعا أن العواطف حامية، وأن العقل بارد، وأنه من الصعب التوفيق بينهما. والمثل الغربي يقول: «لا يطفئ جذوة العواطف سوى العواطف.»
وعلى أية حال، فلو كان الذوق سمة الرجل المهذب، ولو كان الخيال سمة الرجل المنتج، فإن اتزان العاطفة سمة الرجل الناضج.
ويعجبني قول جبران خليل جبران حين يقول: «قد حررت عواطفي من عبودية الشرائع الفاسدة لأحيا بناموس المحبة الشريفة، وحولت وجهي نحو الشمس لئلا أرى ظل جسدي بين الجماجم والأشواك.»
وهو القائل: «ما أقبح العاطفة التي تبني حجرا من جهة وتهدم جدارا من الجهة الأخرى!»
والهوى شديد الارتباط بالعاطفة، إن لم يكن أقوى دعاماتها، وهو عنيف عنف القوة نفسها. ولقد أجمع الكتاب والمفكرون على ذمه وتحذير الناس منه.
Página desconocida