والذي كتب يقول: «إن روحي تطير حيث أنت فرحة جذلة، تقبل وجنتيك تارة، وشفتيك تارة أخرى، وتضحك إليها في حنان وعطف دونه كل حنان وكل عطف.» •••
وللحب علاقة وطيدة بالنظر. هكذا يقولون، وهكذا نؤمن أجمعين بصحة هذا القول؛ إذ للعين دخل كبير في كثير من قصص الغرام، إن لم تكن هي الرسول الأول بين القلوب.
ولئن كان للعقل آلاف العيون، فإن للقلب عين واحدة حتى إذا ما خبت أضواء الحياة، ظلت عين الحب وحدها ساهرة.
يقول شكسبير: «لا يتعمق حب الشبان في قلوبهم، بل في عيونهم.»
أما علي بن أبي طالب رضي الله عنه فيقول: «رؤية الحبيب جلاء للعين.»
ويرى موروا أنه لا سبيل إلى تلافي الحب الخاطف، أو ما يسمى بالحب من أول نظرة.
ولا أدل على ذلك من الأسطورة اليونانية القديمة التي تقول إن الإله قد شطر الرجل والمرأة في بدء الخليقة شطرين وإن كليهما يبحث بصفة لازبة عن شطره الآخر. فإذا حدث والتقى الشطران فجأة، سرى بينهما ذلك التيار القوي الذي نطلق عليه اسم الحب الصاعق، فيحب كل واحد منهما الآخر حبا جارفا بلا تحفظ ولا روية.
ويعتقد أبو محمد علي بن حزم أنه إذا اجتمع قلبان في مكان واحد، وتعطلت لغة الكلام، ولم يكن هناك مجال لحديث الهوى، فإن العين تتكلم، وتفرح وتحزن، وتنادي وتطرد. فإذا كانت الإشارة بمؤخر العين فالمحبوبة تقول لا، وإذا أغمضت عينها في راحة واطمئنان فالقلب يقول نعم.
بيد أن ابن حزم الأندلسي هذا قد وضع قاموسا خاصا عن إشارات الحب بالعين جاء فيه:
الإشارة بمؤخر العين معناها «لا».
Página desconocida