أو استعمل السوط في حثه على الجري. أو خيل إليه أن الفستق من البقول، أو ظن أن صاحب الفيل لابد أن يكون قويًا كالفيل؛ ومن السهل أن تحاكم المبالغة لديه إلى مقياسك الفني إذا قال:
فلولا الريح أسمع من بحجر ... صليل البيض تقرع بالذكور أو قال:
وأخفت أهل الشرك حتى إنه ... لتخافك النطف التي لم تخلق كل هذه أخطاء جزئية؛ ولكن الشعر يصاب في الصميم إذا قلنا للشاعر: إنك لا تستطيع ان تقول: " وضربت الشتاء في أخدعيه " لان العرب لا تستعمل مثل هذه الاستعارة. فإذا قيل لنا، ولكن أحد شعراء عبد القيس يقول:
ولما رأيت الدهر وعرًا سبيله ... وأبدى لنا ظهرًا أجب مسلعا
ومعرفة حصاء غير مفاضلة ... عليه ولونًا ذا عثانين أجدعا
وجبهة قرد كالشراك ضئيلة ... وصعر خديه وأنفًا مجدعا فإنه لا يغني عنا كثيرًا أن نقول له: " هذا الإعرابي إنما تملح بهذه الاستعارات في هجائه للدهر وجاء بها هازلًا؟ " (١) .
حملة الآمدي على استعارات أبي تمام
بعبارة أخرى: إن اخطر ما في هذا الاحتكام إلى طريقة العرب هو ما يصيب الاستعارة، لان تعقب الاستعارة يعني التدخل في التشخيص والقدرة الخيالية لدى الشاعر. ولذلك تجد الآمدي قد عد بعض استعارات أبي تمام ثم قال معلقًا عليها: " فجعل كما ترى - مع غثاثة هذه الألفاظ - للدهر اخدعًا ويدًا تقطع من الزند، وكأنه يصرع، وجعله يشرق بالكرام ويفكر ويبتسم وان
(١) الموازنة ١: ٢٥٨ - ٢٥٩.