149

History of Andalusian Literature (The Era of Cordoba's Dominance)

تاريخ الأدب الأندلسي (عصر سيادة قرطبة)

Editorial

دار الثقافة

Edición

الأولى

Año de publicación

١٩٦٠

Ubicación del editor

بيروت

Géneros

من تقدمه من الشعراء، وربما لم يحاول ان يبرز مكانة الغزال في أخباره، لئلا يقلل من شأن الصورة الأندلسية التي رسمها لنفسه.
وقد كان ابن عبد ربه محط إعجاب الناس في عصره وبعده، ويقول فيه ابن شرف: " وأما ابن عبد ربه القرطبي، وان بعدت عنا دياره فقد صاقبتنا أشعاره، ووقفنا على أشعار صبوته الأنيقة ومكفرات توبته الصدوقة ومدائحه المروانية، ومطاعنه في العباسية، وهو في كل ذلك فارس ممارس وطاعن مداعس. واطلعنا في شعره على علم واسع ومادة فهم مضيء ناصع ومن تلك الجواهر نظم عقده وتركه لمن تجمل بعده ". (١) وتفيدنا هذه الكلمات حقيقة جديدة واحدة نضيفها إلى ما تقدم وهي ان هناك مطاعن لابن عبد ربه في الدولة العباسية، ولكن هذا الشعر لم يصلنا، وما وصلنا من شعر ابن عبد ربه، على انه نسبيا كثير، ليس شيئا بالنسبة لمجموع شعره كله، فقد كان شعره كثيرا بشهادة الحميدي وقد رأى منه نيفا وعشرين جزءا مما جمع للحكم المستنصر (٢) .
وخلاصة القول فيه ان المتقدمين من النقاد والمتذوقين كانوا يعجبون به، وبخاصة قدرته على النظم، ومحاولته الاهتداء إلى المعاني الجديدة، وكانوا يطربون إذا سمعوه يقول (٣):
يا ذا الذي خط العذار بخده ... خطين هاجا لوعة وبلابلا
ما كنت أعلم أن لحظك صارم ... حتى لبست بعارضيك حمائلا يطربون لموضوع وللصورة التي ولدها فيه، وكانوا يتناقلون قوله (٤):
الجسم في بلد والروح في بلد ... يا وحشة الروح بل يا غربة الجسد
ان تبك عيناك لي يا من كلفت به ... من رحمة فهما سهماك في كبدي

(١) الذخيرة ٤/١: ١٦٤
(٢) الجذوة: ٩٤
(٣) المطمح: ٥٢
(٤) الجذوة: ٩٥

1 / 153