202

History of Andalusian Literature (Era of the Taifas and Almoravids)

تاريخ الأدب الأندلسي (عصر الطوائف والمرابطين)

Editorial

دار الثقافة

Ubicación del editor

بيروت - لبنان

Géneros

الطبيعة لديه أمرا في تركيبه وجبلته، فأن لم يكن كذلك فهو أثر من آثار البيئة الطبيعية الجميلة التي نشأ فيها. ثم اختار هذا المذهب؟ مستغنيا عن التكسب بالشعر - منقطعا الي رؤية الجمال في الطبيعة، كأنما هو يعتقد انه لو لم يفعل ذلك، ولم يكن قانعا بما لديه قانعا بما لديه من رزق، لاضطرته الحال إلى ان يكون كغيره من المنتجعين والجوابين.
وخامسا: أن شعره الذي حواه الديوان قد جمع في آخر حياته نزولا على رغبة بعض اخوانه: " وكان قد باد؟ أو كاد - لدثور رقاع مسوداته وأخلاق حواشي تعليقاته " (١)، وانه عندما جمعه أجرى فيه تغيرات هامة وقام بإصلاحات: " إما لاستفادة معنى، أو لاستجادة مبنى "، واكبر عامل كان يسيطر عليه حينئذ شدة حساسيته بأن ينتقد الناس ملكه المجوني قبل توبته؛ وقد حاول ان يعتذر عن ذلك بأن الشعر قول يقصد منه التخيل ولا يعاب فيه الكذب. وهذه محاولة للتبرؤ من التهمة بأن ذلك الشعر يصور واقع حياته. غير أن ابن خفاجة كان منطلقا مع صبوته وسكرة شبابه، ولما صرح ابن خاقان بشيء من ذلك عن طبيعة صباه بعث إليه يلومه ويعاتبه.
وبعد هذه المقدمات نعود إلى تفسير الحقائق التي أجملناها حول موقف هذا الشاعر من الطبيعة وأبرزها صلة الطبيعة عنده بالعبرة أو بمشكلة الفناء التي كانت تلح على نفسيته إلحاحا يلحق بالمرض النفسي. وقد بلغ بها حدا تجاوز به كل ما قاله في شعر الطبيعة، فإذا اعتبرنا كثيرا من شعره محض تصوير، عددنا وقفته إزاء الطبيعة والفناء؟ مجتمعين - تفاعلا عاطفيا جديدا قائما على الرؤية العميقة وعلى التشخيص معا. ونميز في هذا

(١) المصدر السابق نفسه.

1 / 208